.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
مفيض الوجود ، دون الممكن الّذي هو مجرى فيض الوجود كما تقدم ، ويستحيل أن يكون الممكن المحتاج إلى الوجود مفيضاً للوجود ، فلا منافاة بين انتهاء إرادته ـ لإمكانها ـ إلى إرادته سبحانه وتعالى ، وبين كون فعله اختياريا له مع فرض علمه وقدرته وإرادته.
وإن كان المراد من الانتهاء : انتهاء الإرادة إلى الباري عزوجل على حدّ انتهاء الفعل إلى فاعل ما به الوجود حتى يلزم الجبر ، فهو مستحيل في حقه تعالى ، لما مر آنفاً من إباء صرافة وجوده عن الاتحاد مع الممكنات.
والحاصل : أنّ الانتهاء إلى فاعل ما منه الوجود لازم لا أنّه ضائر ، لأنّه تعالى مفيض الوجود ومعطيه ، فوجود كل ممكن منه عزوجل فهذا الانتهاء ضروري ، ولكن لا يلزم منه الجبر ، إذ الّذي يتوقف عليه الجبر هو انتهاء الفعل إليه تعالى انتهاءه إلى ما به الوجود ، لكنه مستحيل في حقه تعالى ، لما عرفت.
وبالجملة : فالانتهاء المتحقق لازم وغير ضائر ، والانتهاء الضائر المثبت للجبر غير متحقق ، هذا ما يتعلق بإرادته سبحانه وتعالى.
وأمّا إرادة نفس العبد فلا توجب الجبر أيضا ، لعدم كونها علة تامة لوجود الفعل في الخارج بحيث يصير العبد مسلوب الاختيار ، كما يشهد به الوجدان السليم ، حيث إنّ الإرادة المفسّرة بالشوق المؤكد لا تسلب الاختيار ، بل هو مع هذا الشوق يقدر على كل من الفعل والترك ، ولا يصير الفعل به ضروري الوجود ، غاية الأمر أنّ الشوق المؤكّد يكون داعياً إلى اختيار الفعل وترجيحه على الترك ، بل يشهد بذلك البرهان أيضا ، لتخلف الإرادة عن المراد أحياناً ، كما إذا لم يكن