.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
أمّا عدم منافاة توجيه مقتضيات الخير إلى العبد لاختياره فواضح ، إذ المفروض توقف صدور الفعل مع تلك المقتضيات على اختياره ، وأمّا عدم منافاة سلبها لاختياره مع توقف الفعل عليها فلأنّ العبد لمّا ترك الخير باختياره ، وصرف ما أفاض عليه ربُّه من مقتضيات الخير في غير محله ، واختار من الشقاوة مرتبة لا يليق معها بتوفيق الطاعة وبعد المعصية ـ سلب ـ الله تعالى عنه تلك المقتضيات ، وأوكله إلى نفسه الجانية الأمّارة بالسوء.
الطائفة الرابعة : الآيات التي ادعيت صراحتها في اضطرار العباد في أفعالهم وتروكهم ، كقوله تعالى في سورة الأنفال : «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ، وَلكِنَّ اللهَ رَمى» فإنّه كالصريح في كون فاعل الرمي هو الله تعالى ، وليس ذلك إلّا الإلجاء ، والجواب عنه : أنّ إسناد الرمي إليه تعالى مع أنّ الرامي هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بد أن يكون لنكتة ، إذ لو كان الإسناد على وجه الحقيقة لزم التناقض ، لأنّه تعالى أسند الرمي أوّلا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم أسنده إلى نفسه تعالى ، فالإسناد الثاني يكون لعناية وهي كون الرمي والغلبة على الكفار من معجزاته صلىاللهعليهوآله ، لئلا يتفاخر المسلمون بعضهم على بعض بأنّه ظفر على الكفار بقتلهم وأسرهم ، قال في مجمع البيان : «ذكر جماعة من المفسرين كابن عباس وغيره : أنّ جبرئيل عليهالسلام قال للنبي صلىاللهعليهوآله يوم بدر : خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا التقى الجمعان لعلي عليهالسلام : أعطني قبضة من حصا الوادي ، فناوله كفا من حصا عليه تراب ، فرمى به في وجوه القوم ، وقال : شاهت الوجوه ، فانهزموا ، فعلى هذا إنّما أضاف الرمي إلى نفسه ، لأنّه لا يقدر