كذلك (١) في غير ما وضع له بلا مراعاة ما اعتبر في المجاز ، فلا يكون بحقيقة ولا مجاز غير (٢) ضائر بعد ما كان مما يقبله الطبع ولا يستنكره ، وقد عرفت سابقاً (٣) أنّه في الاستعمالات الشائعة في المحاورات ما ليس بحقيقة ولا مجاز (٤). إذا عرفت هذا (٥) فدعوى الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا (٦) قريبة جداً (*) ، ومدعي القطع به غير مجازف قطعاً (**) ،
______________________________________________________
(١) يعني : كون استعمال اللفظ في غير الموضوع له كاستعماله في الموضوع له في قصد الحكاية عنه بنفس اللفظ مجرداً عن القرينة.
(٢) خبر قوله «وكون» ، وهذا دفع الإشكال ، وحاصله : أنّ عدم كون الاستعمال حقيقياً ولا مجازياً ليس من اللوازم الباطلة ، لما تقدم في الأمر الرابع من أنّ العبرة في صحة الاستعمال باستحسان الطبع له ، ومع استحسانه له لا مانع منه ولو لم يكن شيء من العلائق المعتبرة في المجاز موجوداً ، فلا وجه لحصر الاستعمال في الحقيقي والمجازي ، وإلّا لم يصح استعمال اللفظ في النوع أو الصنف أو المثل ، لعدم كونه حقيقياً كما هو واضح ، ولا مجازياً لعدم العلاقة.
(٣) أي : في الأمر الرابع.
(٤) كاستعمال اللفظ في نوعه أو صنفه أو مثله كما تقدم.
(٥) أي : التمهيد الّذي تعرض له في صدر المبحث بقوله : «لا بأس بتمهيد مقال».
(٦) أي : وضعه بنفس الاستعمال مع القرينة على كونه في مقام إنشاء الوضع.
__________________
(*) لم يظهر وجه وجيه لقربها ، فإنّ ما أفاده من كون إنشاء الوضع بنفس الاستعمال لا يترتب عليه إلا إمكانه ، وهو أعم من الوقوع ، فلا يرتفع الشك في ثبوت الحقيقة الشرعية بهذه الدعوى.
(**) لم يظهر منشأ لهذا القطع ، ومجرد عدم برهان على خلافه لا يصلح لأن يكون موجباً للقطع بوقوعه.