فأصلها فيعل ، سيد وميت وهين ولين ، حذفت عينها وجعلت ياء فيعل عوضا منها ، وكذلك باب قيدودة وصيرورة وكينونة ، وأصلها فيعلولة حذفت عينها وصارت ياء فيعلولة عوضا منها.
فإن قلت : فهلّا كانت لام فيعلولة الزائدة عوضا منها؟
قيل : قد صحّ في فيعل ـ من نحو سيد وبابه ، أن الياء الزائدة عوض من العين ، وكذلك الألف الزائدة في خاف و (هاع لاع) عوض من العين. وجوّز سيبويه أيضا ذلك في أينق ، فكذلك أيضا ينبغي أن يحمل فيعلولة على ذلك ، وأيضا فإن الياء أشبه بالواو من الحرف الصحيح في باب قيدودة وكينونة ، وأيضا فقد جعلت ياء التفعيل عوضا من عين الفعال وذلك قولهم قطعته تقطيعا وكسرته تكسيرا ، ألا ترى أن الأصل قطاع وكسّار بدلالة قول الله تعالى : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) [النبأ : ٢٨].
وحكى الفراء قال : سألني أعرابي فقال : أحلّاق أحب إليك أن قصار؟ فكما أن الياء زائدة في التفعيل عوض من العين فكذلك ينبغي أن تكون الياء في قيدودة عوضا من العين لا الدال.
فإن قلت : فإن اللام أشبه بالعين من الزائد فهلّا كانت لام القيدودة عوض من عينها؟
قيل : إن الحرف الأصلي القوي إذا حذف لحق بالمعتلّ الضعيف ، فساغ لذلك أن ينوب عنه الزائد الضعيف.
وأيضا ، فقد رأيت كيف كانت ياء التفعيل الزائدة عوضا من عينه ، وكذلك ألف فاعل كيف كانت عوضا من عينه في خاف ، و (هاع لاع) ونحوه ، وأيضا فإن عين قيدودة وبابها وإن كان أصلا فإنها على الأحوال كلها حرف علة ما دامت موجودة ملفوظا بها ، فكيف بها إذا حذفت فإنها حينئذ توغل في الاعتلال والضعف ولو لم يعلم تمكن هذه الحروف في الضعف إلا بتسميتهم إياها حروف العلّة لكان كافيا ، وذلك أنها في أقوى أحوالها ضعيفة ، ألا ترى أن هذين الحرفين إذا قويا بالحركة فإنك مع ذلك مؤنس منهما ضعفا ، وذلك أن تحملهما للحركة أشقّ منه في غيرهما ولم يكونا كذلك ، إلا أن مبنى أمرهما على خلاف القوة يؤكد ذلك عندك أن أذهب الثلاث في الضعف والاعتلال الألف ، ولما كانت كذلك لم يمكن تحريكها البتة ، فهذا أقوى دليل على أن الحركة إنما تحملها وتسوغ فيه من الحروف الأقوى لا الأضعف ، وكذلك ما تجد أخفّ الحركات الثلاث وهي الفتحة مستثقلة فيها حتى تجنح لذلك وتستروح إلى إسكانها نحو قوله : [البسيط]