كثيرة الاشتراك ، فإذا قلت : زيد فعل زيد ، جاز أن يتوهم في زيد الثاني أنه غير الأول ، وليس للأسماء الظاهرة أحوال تفترق بها إذا التبست ، وإنما يزيل الالتباس منها في كثير من أحوالها الصفات ، والمضمرات لا لبس فيها ، فاستغنت عن الصفات لأن الأحوال المقترنة بها وهي حضور المتكلم والمخاطب وتقدم ذكر الغائب تغني عن الصفات.
ومن ذلك قال ابن فلاح في (المغني) : إنما ضم حرف المضارعة في الرباعي دون غيره ، خيفة التباس الرباعي بزيادة الهمزة (بالثلاثي) نحو : ضرب يضرب ، وأكرم يكرم ، لأن الهمزة في الرباعي تزول مع حرف المضارعة فلو فتح حرف المضارعة لم يعلم أمضارع الثلاثي هو أم مضارع الرباعي ، ثم حمل بقية أبنية الرباعي على ما فيه الهمزة ، وإنما خصّ الضم بالرباعي لأن الثلاثي أصل ، والرباعي بزيادة الهمزة فرع ، فيجعل للأصل الحركة الخفيفة وللفرع الحركة الثقيلة ، وما زاد على الثلاثي محمول على الثلاثي.
وخرج عن هذا الأصل أهراق يهريق ، واسطاع يسطيع ، فإنّه ضمّ حرف المضارعة منهما مع أنهما أكثر من أربعة وفي ذلك وجهان :
أحدهما : أن الهاء والسين زيدتا على غير قياس ، والمعنى على الفعل الرباعي فهما في حكم العدم.
والثاني : أنهما جعلا عوضا عن حركة عين الكلمة ، فإنها نقلت إلى فائها ، وإذا كانا عوضا عنها لم يعتد بهما حرفين مستقلين ، فلذلك لم يتغير حكم الرباعي ، ولو كانا حرفين مستقلين لخرجا إلى الخماسي وتغيرت صيغة الرباعي من الضم وقطع الهمزة ، وإنما حكمنا بكونهما بدلا عن نقل حركة العين إلى الفاء ، وإن كان نقل حركة العين إلى الفاء لا يقتضي عوضا ، لكون الرباعي لم تتغير صيغته بهما فصارا بمنزلة الحركتين لكونهما عرضا عن نقل الحركتين لا عن الحركتين ، لأن الحركتين موجودتان فكيف يعوض عنهما مع وجودهما ، انتهى.
ومن ذلك قال الخفاف في شرح الإيضاح : تقول في التعجب : ما أحسننا ، وفي النفي : ما أحسنا ، وفي الاستفهام : ما أحسننا ، لا تدغم في التعجب ، ولا في الاستفهام ، لئلا يلتبس أحدهما بالآخر والنفي بهما.
ومن ذلك قال ابن النحاس في (التعليقة) : لا يجوز أن يأتي المنصوب على الاختصاص من الأسماء المبهمة نحو : إني هذا أفعل كذا لأن المنصوب إنما يذكر لبيان الضمير. فإذا أبهمت فقد جئت بما هو أشكل من الضمير ، ولذلك لا يجوز أن يؤتى به نكرة فلا يقال : إنّا قوما نفعل كذا ، لأن النكرة لا تزيل لبسا.