لأن عندها تتحقق الحاجة فهوى أجري على قياسهم ، كما أنهم لا يحذفون في نحو سفرجل إلا ما ارتدعوا عنده؟ فالجواب أن الأول حالّ محل المضمر واللام تفتح إذا دخلت عليه.
فإن قيل : فلأي شيء كررت في المعطوف عليه؟ فالجواب : أنه يعطفه على ما حصل فيه الفرق اكتفى بذلك ، وساعد عليه أن المعطوف يجوز فيه ما لا يجوز في المعطوف عليه ، تقول : يا زيد والرجل وإن لم يجز : يا الرجل.
فإن قيل : فلأي شيء يفتح في يا لزيد ، ويا لعمرو مع أنه معطوف؟ فالجواب : أنه نداء ثان مستقل والمعطوف الجملة ، قال : فهذا تحرير لا تجد لأحد مثله إن شاء الله تعالى.
وقال الأبذي في شرح الجزولية : إذا عطفت على المستغاث به كسرت اللام لأن الثواني يجوز فيها ما لا يجوز في الأوائل.
وقال ابن هشام في (تذكرته) : سئلت عن (لولاي) إذا عطف عليها اسم ظاهر فقلت : يجب الرفع نحو لولاي وزيد لكان كذا وكذا ، كما تقول ما في الدار من رجل ولا امرأة وذلك لأن الاسم المضمر بعد لو لا وإن كان في موضع الخفض بها إلا أنه أيضا في موضع رفع بالابتداء ، ونظيره في ذلك الاسم المجرور بلعل على لغة عقيل إذا قيل : لعل زيد قائم ، ألا ترى أن (قائم) خبر مرفوع وليس معمولا للعل ، لأنها هنا حرف جر كالباء واللام فلا تعمل غير الجر ، وإن عطف على محله من الخفض ، فإن التزمت إعادة الخافض لم يتأت هنا لأنا إذا قلنا : لولاك ولو لا زيد لزم جر لو لا للظاهر وهو ممتنع بإجماع ، وإن لم تلتزمه فقد يمتنع العطف بما ذكرنا لأن العامل حينئذ هو لو لا الثانية ، وقد يصحح بأن يدعي أنهم اغتفروا كثيرا في الثواني ما لم يغتفر في الأوائل.
وقال ابن إياز في (شرح الفصول) : فإن قيل : هلا أضيف الفعل لفظا والتقدير إضافة مصدره؟ فالجواب : أن ذلك اتساع وتجوز ، وهو قبيح في الأوائل والمبادي دون الأواخر والثواني.
وقال البيضاوي (١) في تفسيره في قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [البقرة : ٣٢] قيل : أنت تأكيد للكاف ، كما في قولك مررت بك أنت ، وإن لم يجز
__________________
(١) انظر تفسير البيضاوي (٢٣).