عليه فلم يفعل وقال : أتظنون أن ليس له من العساكر إلا ما ترون ، إنما هو يريد أن تلقوه فيجيئه من نجدات المسلمين مالا حد له.
وكان زنكي يرسل أيضا إلى ملك الروم يوهمه بأن فرنج الشام خائفون منه فلو فارق مكانه تخلفوا عنه ، ويرسل إلى فرنج الشام يخوفهم من ملك الروم ويقول لهم : إن ملك بالشام حصنا واحدا ملك بلادكم جميعا ، فاستشعر كل من صاحبه ، فرحل ملك الروم عنها في رمضان وكان مقامه عليها أربعين يوما ، وترك المجانيق وآلات الحصار بحالها ، فسار أتابك زنكي يتبع ساقة العسكر فظفر بكثير ممن تخلف منهم وأخذ جميع ما تركوه ورفعه إلى قلعة حلب.
زيادة بيان لهذه الحوادث
قال ابن العديم في حوادث سنة ٥٣١ : وفي أواخر هذه السنة وصل ملك الروم كالياني من القسطنطينية في جموعه ووصل إلى أنطاكية ، فخالفه الفرنج لطفا من الله تعالى ، وأقام إلى أن وصلته مراكبه البحرية بالأثقال والميرة والمال فاعتمد لاون بن روبال صاحب الثغور في حقه فتحا عظيما وتخوف أهل حلب منه ، فشرعوا في تحصينها وحفر خنادقها ، فعاد إلى بلاد لاون فافتتحها جميعها فدخل إليه لاون متطارحا فقال : أنت بين الفرنج والأتراك لا يصلح لك المقام ، فسيره إلى قسطنطينة في عين زربة وآذنة والثغور مدة الشتاء ، وكان في عوده عن أنطاكية إلى ناحية بغراس في الثاني والعشرين ذي الحجة من سنة إحدى وثلاثين أنفذ رسوله إلى زنكي وظفر سوار بسرية وافرة العدد من عسكره فقتل وأسر ودخل بهم إلى حلب ، ووصل الرسول إلى زنكي وهو متوجه إلى القبلة فرده ومعه هدية إلى ملك الروم فهود وبزاة وصقور على يد الحاجب حسن ، فعاد إليه ومعه رسول منه وأخبره بأنه يحاصر بلاد لاون ، فسار إلى حماة ورحل إلى حمص فقاتلها ، ثم سار في نصف المحرم من سنة اثنتين وثلاثين فنزل بعلبك وأخذ منها مالا وسار إلى ناحية البقاع فملك حصن المجدل من أيدي الدمشقيين ، ودخل في طاعته إبراهيم بن طرغث والي بانياس وشتى أتابك زنكي بأرض دمشق. وورد عليه رسول الخليفة المكتفي والسلطان مسعود بالتشريف. ثم رحل أتابك عن دمشق في شهر ربيع الآخر وعاد إلى حماة ، ثم رحل عنها