إلى حمص فخيم عليها وجرد من حلب رجالا لحصارها وجمع عليها جموعا كثيرة وهجم المدينة وكسر أهلها ونال منهم منالا عظيما.
ونقض الفرنج الهدنة التي كانت بينهم وبين زنكي على حلب وأظهروا العناد وقبضوا على التجار بأنطاكية والسفار من أهل حلب في جمادى الأولى من السنة بعد إحسانه إليهم واصطناعه لمقدميهم حين أظفره الله بهم ، وانضافوا إلى ملك الروم كالياني ، وظهر ملك الروم بغتة من طريق مدينة البلاط يوم الخميس الكبير من صومهم ، ونزل في الحادي والعشرين من رجب على حصن بزاعة ، وانتشرت الخيل بغتة فلطف الله بالمسلمين ، فرأوا رجلا من [ كافر ترك ] ومعه جماعة منهم قد تاهوا عن عسكر الروم وأظهروا أنهم مستأمنة ، وأنذروا من بحلب بالروم فتحذر الناس وتحفظوا وكاتبوا أتابك زنكي بذلك ، فوصله الخبر وهو على حمص فسير في الحال الأمير سيف الدين سوار والرجّالة الحلبيين وخمسمائة فارس في أربعة من الأمراء الاصفهسلارية منهم زين الدين علي كوجك ، فقويت قلوب أهل حلب بهم ووصلوا في سابع وعشرين من رجب.
وأما الروم فإنهم حصروا حصن بزاعة وقاتلوه سبعة أيام فضعفت قلوب المسلمين ، وكان الحصن في يد امرأة فسلموه إلى الروم بالأمان بعد أن توثقوا منهم بالعهود والأيمان ، فغدروا بهم وأسروا من بزاعة ستة آلاف مسلم أو يزيدون.
وأقام الملك بالوادي يدخن على مغاير الباب عشرة أيام فهلكوا بالدخان ، ثم رحل فنزل يوم الأربعاء الخامس من شعبان بأرض الناعورة ، ثم رحل يوم الخميس سادس شعبان ومعه ريمند صاحب أنطاكية وابن جوسلين ، فنزل على حلب ونصب خيمته من قبليها على نهر قويق وأرض السعدي وقاتل حلب يوم الثلاثاء من ناحية برج الغنم ، وخرج إليهم أحداث حلب فقاتلوهم وظهروا عليهم وقتل من الروم مقدم كبير ، ورجعوا إلى خيمهم خائبين. ورحل يوم الأربعاء ثامن شعبان مقتبلا إلى السعدي فخاف من بقلعة الأثارب من جند المسلمين فهربوا منها يوم الخميس تاسع شعبان وطرحوا النار في خزائنهم ، وعرف الروم ذلك فخفت منهم سرية وجماعة من الفرنج ومعهم سبي بزاعة والوادي فملكوا القلعة وألجؤوا السبي إلى خنادقها وأحواشها ، فهرب جماعة منهم إلى حلب وأعلموا الأمير سيف الدين سوار بن إيتكين بذلك وأن الروم انعزلوا عنها ، ونهض إليهم سوار في شرذمة من العسكر