وكتب إلى شهاب الدين محمود بن بوري يطلبها ، وترددت الرسل بينهم على أن يسلم أتابك حمص ويعوض أنر واليها ببارين واللكمة والحصن الشرقي ، وتسلم أتابك حمص وتسلم الدمشقيون المواضع المذكورة.
ورحل أتابك عن حمص وسار إلى حلب ، ثم خرج منها إلى بزاعة وفتحها بالسيف يوم الثلاثاء تاسع عشر محرم من سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وقتل كل من كان بها على قبر شرف الدولة مسلم بن قريش ، وكان ضرب عليها بسهم في عينه فمات ، وعاد منها إلى حلب وسار إلى الأثارب ففتحها في ثالث صفر.
قال في الروضتين : ولما يسر الله تعالى هذا الفتح مدح الشعراء الشهيد أتابك فأكثروا. منهم أبو المجد المسلم بن الخضر بن مسلم بن قسيم الحموي له قصيدة قد ذكرتها في ترجمته في التاريخ أولها :
بعزمك أيها الملك العظيم |
|
تذل لك الصعاب وتستقيم |
ألم تر أن كلب الروم لما |
|
تبين أنك الملك الرحيم |
فجاء يطبق الفلوات خيلا |
|
كأن الجحفل الليل البهيم |
و قد ترك الزمان على رضاه |
|
فكان لخطبه الخطب الجسيم |
فحين رميته بك في خميس |
|
تيقن أن ذلك لا يدوم |
و أبصر في المفاضة منك جيشا |
|
فأحزن لا يسير ولا يقيم |
كأنك في العجاج شهاب نور |
|
توقد وهو شيطان رجيم |
أراد بقاء مهجته فولى |
|
و ليس سوى الحمام له حميم |
يؤمل أن تجود بها عليه |
|
و أنت بها وبالدنيا كريم |
أيلتمس الفرنج لديك عفوا |
|
و أنت بقطع دابرها زعيم |
و كم جرعتها غصص المنايا |
|
بيوم فيه يكتهل الفطيم |
و لما أن طلبتهم تمنى ال |
|
منية جوسلينهم اللئيم |
أقام يطوّف الآفاق حينا |
|
و أنت على معاقله مقيم |
فسار وما يعادله مليك |
|
و عاد وما يعادله سقيم |
إذا خطرت سيوفك في نفوس |
|
فأول ما يفارقها الجسوم |