فرق له معاوية ، وكتب له إلى ابن أم الحكم كتابا عظيما ، وكتب في آخره :
ركبت أمرا عظيما لست أعرفه |
|
أستغفر الله من جور امرئ زاني |
قد كنت تشبه صوفيا له كتب |
|
من الفرائض أو آيات فرقان |
حتى أتاني الفتى العذري منتحبا |
|
يشكو إليّ بحق غير بهتان |
أعطي الإله عهودا لا أخيس بها |
|
أو لا فبرئت (١) من دين وإيمان |
إن أنت راجعتني فيما كتبت به |
|
لأجعلنك لحما بين عقبان |
طلق سعاد وفارقها بمجتمع |
|
أشهد على ذلك نصرا وابن ظبيان |
فما سمعت كما بلغت من عجب |
|
ولا فعالك حقا فعل إنسان |
فلما ورد كتاب معاوية على ابن أم الحكم ، تنفس الصعداء وقال : وددت أن أمير المؤمنين خلّى بيني وبينها سنة ثم عرضني على السيف ، وجعل يؤامر نفسه في طلاقها ، فلا يقدر ، فلما أزعجه الوفد (٢) طلقها ثم قال : يا سعاد اخرجي ، فخرجت شكلة (٣) غنجة ذات هيئة وجمال ، فلما رآها الوفد قالوا : ما تصلح إلا لأمير المؤمنين ، لا لأعرابي ، وكتب جواب كتابه :
لا تحنثن أمير المؤمنين فقد |
|
أوفي بعهدك في رفق وحسان |
وما ركبت حراما حين أعجبني |
|
فكيف سميت باسم الخائن الزاني |
وسوف تأتيك شمس لا خفاء بها |
|
أبهى البرية من إنس ومن جان |
حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت |
|
أقول ذلك في سري وإعلاني |
فلما ورد الكتاب على معاوية قال : إن كانت أعطيت حسن النغمة مع هذه الصفة فهي أكمل البرية ، فاستنطقها فإذا هي أحسن الناس كلاما ، وأكملهم شكلا ودلّا ، فقال : يا أعرابي ، هل من سلو عنها بأفضل الرغبة؟ قال : نعم ، إذا فرقت بين رأسي وجسدي ، ثم أنشأ الأعرابي يقول :
لا تجعلني والأمثال تضرب لي |
|
كالمستغيث من الرمضاء بالنار |
اردد سعاد على حيران مكتئب |
|
يمسي ويصبح في همّ وتذكار |
__________________
(١) كذا.
(٢) بالأصل : الوعد ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٣) الشكل : غنج المرأة وغزلها وحسن دلها.