ما قاله النصارى في المسيح (ع) أمر الله نبيه أن يقول للمؤمنين به : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ـ ١١١ الكهف».
ودخل رجل على رسول الله ، فارتجف من هيبته ، فربت على كتفه في حنان وقال : «هوّن عليك ، أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة».
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ). قال المفسرون : نهى داود بني إسرائيل عن صيد الحيتان يوم السبت بوحي من الله ، ولما عتوا عن أمره لعنهم ، ودعا عليهم ، فصاروا قردة. أما عيسى فقد طلب منه خمسة آلاف رجل ان ينزل عليهم مائدة من السماء ، فيأكلوا منها ، ويؤمنوا به ، ولما نزلت أكلوا ونكلوا ، فقال عيسى : اللهم العنهم كما لعنت أصحاب السبت.
ولا شيء في الآية يومئ إلى هذه التفاصيل ، والمعنى الظاهر ان داود وعيسى لعنا من كفر من بني إسرائيل (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ). وسكت الله سبحانه عن نوع العصيان والاعتداء ، ولم يسكت عنه جهلا ولا نسيانا ، ونحن نسكت عما سكت الله عنه ، وفي الوقت نفسه نؤمن بأن لعنة الله ونقمته تصيب كل من عصى واعتدى ، سواء أكان إسرائيليا ، أو هاشميا.
(كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ). تشعر هذه الآية بأن عمل المنكر لم يكن عملا فرديا في المجتمع اليهودي ، وإنما كان عمل الجماعة كلها ، وان المنكر قد تفشى بينهم ، حتى صار عادة من عاداتهم المألوفة التي اصطلح عليها الكبير والصغير ، ولذا لم يوجد فيهم من يستنكر المنكر ، وينهى عنه.
وعن صحيح مسلم والبخاري ان رسول الله قال : «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا يا رسول الله : اليهود والنصارى؟ قال : فمن؟» القذة إحدى ريش السهم.
(تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا). ضمير منهم يعود إلى اليهود ، والمراد بالذين كفروا ـ هنا ـ مشركو العرب ، وكان كثير من اليهود يقفون مع المشركين ضد النبي (ص) ، ويحرضونهم عليه ، بل كانوا أشد منهم عداوة