لذلك نعفي نحن الحظ والصدفة من كل المسئوليات والتبعات .. ونؤمن إيمانا قاطعا بأن هناك إرادة عليا قد تدخلت لأسباب نجهلها ، لأن العلم فيها وفي أمثالها لا يزال في مراحل طفولته ، وجهل العلم بها لا يعني انها غير موجودة .. والذي يؤكد إيماننا هذا قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) ـ ٧١ النحل». وقوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) ـ ٢٧ الرعد». وجاءت هذه الآية بنصها الحرفي أحيانا في سورة الإسراء رقم ٣٠. وفي القصص ٨٢. وفي العنكبوت ٦٢. وفي الروم ٣٧. وفي سبأ ٣٦ و ٣٩. وفي الزمر ٥٢. وفي الشورى ١٢.
ولكن ليس معنى يبسط الرزق ، ويفضل في الرزق ، انه تعالى يمطر من السماء مالا على من يشاء .. كلا ، بل يبسط الرزق من طريقه المعروف المألوف ، ويقدر أيضا عن هذا الطريق ، فيمهده ويوسعه على بعض ، ويجعله عسيرا ضيقا على البعض الآخر .. ولكن لا علاقة بين الضيق في الرزق ، وبين الخبث ومعصية الله ، فلقد كان الرسول الأعظم (ص) يربط على بطنه حجر المجاعة ، وقال موسى : «ربي إني لما أنزلت إليّ من خير فقير» .. وأيضا لا علاقة بين السعة في الرزق ، وبين الطيبة وطاعة الله ، فقد نادى فرعون في قومه : أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ، أم ـ أي بل ـ أنا خير من هذا الذي هو مهين ـ يشير إلى موسى ـ ولا يكاد يبين ، فلولا ألقي عليه اسورة من ذهب ـ ٥٣ الزخرف.
وعلى هذا ، فمن قال أو يقول : إن الله أغنى فلانا لأنه طيب فانه يتكلم بمنطق فرعون ، ويزن بميزان الشيطان .. لقد شاءت حكمته جل ثناؤه أن يثيب على الحسنة ، ويعاقب على السيئة في الدار الباقية ، لا في هذه الدار الفانية ، إن هذه دار أعمال ، وتلك لنقاش الحساب عليها .. هذا ، إلى أن كثرة الخبيث قد تكون وبالا عليه ، وسببا لشدة عذابه وعقابه : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ـ ٣ الحجر». (يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) ـ ١٢ محمد».
والخلاصة ان الرزق يستند الى أمرين : السعي وارادة الله معا ، فمن ترك