وفيها الأحكام التالية :
١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ). يريد جلت عظمته ان من أحس بدنو أجله ، وأراد أن يوصي بما أحب استحضر عدلين من المسلمين ، وأشهدهما على وصيته .. وتجدر الاشارة إلى أن الوصية مستحبة ، ولا تجب إلا على من كان عليه حقوق لله أو للناس ، وظهرت له دلائل الموت ، وخاف ضياعها من بعده.
٢ ـ (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ). قال الشيعة الإمامية والحنابلة : إذا أوصى رجل مسلم في السفر ، ولم يكن أحد من المسلمين عنده فله أن يشهد اثنين من أهل الكتاب ، على أن يستحلفا بعد الصلاة بين جمع من الناس إنهما ما خانا ، ولا كتما ، ولا اشتريا بشهادتهما ولا بقسمهما ثمنا قليلا ، وعندها تقبل شهادتهما كما تقبل من المسلمين ، وتجب عليهما اليمين مع الشك في صدقهما ، أما الأمين فلا يمين عليه. لقوله تعالى : (إِنِ ارْتَبْتُمْ).
هذا ما أفتى به الإمامية والحنابلة معتمدين على هذه الآية ، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا تقبل شهادة غير المسلم على المسلم بحال ، وأولوا الآية بمعنى آخر ، وقال المالكية والشافعية : لا تقبل شهادة غير المسلمين إطلاقا ، ولو كانت من بعضهم على بعض. (المغني باب الشهادات).
٣ ـ (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ). جاء في صحاح الشيعة والسنة ان هذه الآية نزلت في ثلاثة نفر خرجوا في سفر للتجارة ، أحدهم مسلم والآخران من النصارى ، وفي الطريق تمرض المسلم ، وأحس بدنو أجله ، فكتب وصيته وذكر فيها كل ما يحمل معه ، ودسها في بعض متاعه ، دون أن يعلم صاحباه بذلك ، ثم أوصى اليهما أن يدفعا متاعه الى أهله ، ولما مات أخذا شيئا منه ، ودفعا الباقي الى أهله.
ولما عثر أهله على وصيته رأوا فيها ذكر الشيء الذي أخذاه ، فسألوهما