فأنكرا ، وقالا ما دفعه إلينا دفعناه إليكم ، وحلفا على ذلك .. وبعد حين رأى أهل الميت ذاك الشيء مع ثالث ، فقالوا : من أين لك هذا؟ قال : اشتريته من فلان وفلان ، أي من المتهمين ، فترافعوا الى النبي (ص) .. وقيل : ان المتهمين حين فوجئا بذلك قالا : اشتريناه منه. فنزل قوله تعالى : (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا) الخ. والمعنى فان ظهرت أمارات تستدعي الريبة بالمتهمين فالواجب حينئذ أن يقوم رجلان من ورثة الميت ، ويحلفا بالله انهما أصدق من المتهمين ، وأن يقولا في اليمين : وما اعتدينا انّا إذا لمن الظالمين ، وبعد الحلف يحكم على المتهمين.
وتسأل : لقد طال كلام المفسرين وتضارب حول قوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) حتى نقل عن بعض القدامى انه قال : هذه أشكل جملة في كتاب الله من حيث التركيب ، فما هو القول الصحيح في تفسيرها؟.
الجواب : ان الذي أوقع المفسرين في الارتباك هو ان ضمير (عليهم) إلى من يعود؟ والذي نراه انه يعود الى ورثة الميت ، لأن ما كان مستحقا عليه من الديون ونحوها يصير بعد موته مستحقا على ورثته ، وعليه يكون المعنى يحلف اثنان من الذين وجب عليهم ما كان واجبا على مورثهم ، والسياق يؤكد هذا ، لأن الآخرين اللذين يقومان مقام المتهمين في اليمين لا بد أن يكونا من ورثة الميت باتفاق المفسرين ولا يجوز أن يكونا من غيرهم بحال ، اذن ، يتعين أن يكون ضمير (عليهم) عائدا اليهم بالذات.
(ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ). ذلك إشارة إلى الحكم السابق ، وقوله : (أَدْنى أَنْ يَأْتُوا ..) الخ) بيان لعلة الحكم ، أي ان القصد مما شرعناه أن لا يحرّف الشهود شهادتهم ، ويحلفوا اليمين الكاذبة ، أو يمتنعوا عن اليمين بالمرة خوفا أن ترد ـ بعد الحلف ـ على الورثة.
وتسأل : إن الله سبحانه حين بيّن الحكم ثنّى ، وقال : شهادتهما .. ويقسمان. وحين أشار إلى علة الحكم جمع ، وقال : أن يأتوا بالشهادة ، فما هو الوجه؟ الجواب : إن الشهود أربعة ، اثنان يشهدان ابتداء ، واثنان يقومان مقامهما إذا ظهر الإثم على الشاهدين الأولين .. هذا ، إلى أن المفروض في علة الحكم