امتاز الإسلام عن جميع الأديان ، بنفي السبيل للإنسان على انسان كائنا من كان وبها نعتز نحن المسلمين ونفاخر الاشتراكيين والشيوعيين والقوميين والديمقراطيين ، وجميع أهل الأديان والمذاهب.
وذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية ان المترفين من قريش مروا برسول الله (ص) ، وعنده عمار بن ياسر وخباب وبلال وغيرهم من ضعفاء المسلمين ، فقالوا يا محمد أرضيت بهؤلاء؟ ألهؤلاء نكون تبعا ، فنحّهم عنك ، حتى نخلوا بك ، ثم إذا انصرفنا فأعدهم إلى مجلسك ان شئت .. وقيل ان النبي (ص) أراد أن يجيبهم إلى ما طلبوا فنزلت الآية.
وظاهر اللفظ لا يأبى ذلك ، بخاصة قوله : (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) لهم حيث انهم أولى بمجلسك والاستفادة منك ، وبتعبير ثان ان النبي أراد أن يقرب الأغنياء ليستفيدوا منه ، فقال له الجليل : الفقراء أولى بالاستفادة ، فإن تركت هذا الأولى ظلمت الفقراء المؤمنين من حيث الاستفادة.
وتسأل : الا يتنافى ترك الأولى والأرجح مع العصمة؟.
الجواب : ان ترك الأولى جائز ، وليس محرما ، حتى يتنافى مع العصمة .. هذا ، إلى أن النبي لم يحاول طرد الفقراء استنكافا من فقرهم ، بل حرصا وطمعا في اسلام الرؤوس ، فنبه سبحانه النبي الى أن الإسلام غني عن هؤلاء المتكبرين الطغاة ، وان لهم يوما يستسلمون فيه أذلاء صاغرين ، كما حدث بالفعل.
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا). معنى الفتنة هنا الاختبار ، واختبار الله لعبده أن يظهره للملإ على حقيقته عن طريق أفعاله وأعماله ، كما بينا ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٩٤ من سورة المائدة ، فقرة : معنى الاختبار من الله. واللام في ليقولوا للعاقبة ، أي اختبرنا الأغنياء بالفقراء ، ليشكروا الله على نعمته عليهم ، فآل أمرهم الى التكبر والاستعلاء ، قال الإمام علي (ع) :
«لا تعتبروا الرضا والسخط بالمال والولد جهلا بمواقع الفتنة والاختبار في مواضع الغنى والاقتدار ، وقد قال سبحانه : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) ـ ٥٦ المؤمنون. فان الله سبحانه