تماما كما تقول : إذا نمت فاقرأ سورة الفاتحة ، وهذا من باب اطلاق السبب على المسبّب.
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ). لا خلاف فيه ، سوى ان الشيعة الامامية قالوا : يجب الابتداء من الأعلى ، ولا يجوز النكس ، وقال غيرهم : يجوز الغسل كيف اتفق ، والابتداء من الأعلى أفضل.
(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ). أيضا لا خلاف فيه إلا ان الشيعة أوجبوا الابتداء بالمرفق ، وأبطلوا النكس ، كما أوجبوا تقديم اليد اليمنى على اليسرى ، وقال السنة : يغسلهما كيف اتفق .. أجل ، تقديم اليمنى أفضل ، وكذا الابتداء من الأصابع الى المرفق.
وتسأل : ان كلا من السنة والشيعة قد خالفوا ظاهر الآية ، لأن المرافق يجب أن تكون نهاية الغسل لمكان «الى» ، مع ان السنة لا يوجبون ذلك ، والشيعة لا يجيزونه ، فما هو التأويل؟
وأجاب كثيرون بأن «الى» هنا بمعنى مع مثل قوله تعالى : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) ـ ٥٢ هود» ، أي مع قوتكم .. والذي نراه في الجواب ان التحديد في الآية للعضو المغسول ، وهو اليد ، بصرف النظر عن كيفية الغسل من حيث الابتداء والانتهاء ، تماما كقولك : بعتك الأرض من هنا الى هناك ، وقطفت ورد الحديقة من هنا الى هنا ، وأنت تريد تحديد الكم والمقدار ، لا بيان الكيف والهيئة.
(وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ). قال الحنابلة : يجب مسح الرأس والأذنين ، ويجزي الغسل عن المسح بشرط إمرار اليد على الرأس. وقال المالكية : يجب مسح جميع الرأس دون الأذنين. وقال الحنفية : يجب مسح ربع الرأس ، ويكفي إدخال الرأس في الماء ، أو صبه عليه. وقال الشافعية : يجب مسح بعض الرأس ولو قل ، ويكفي الغسل أو الرش. وقال الشيعة الامامية : يجب مسح جزء من مقدم الرأس ، ويكفي أقل ما يصدق عليه اسم المسح ، ولا يجوز الغسل ولا الرش .. وعليه يكون معنى الباء الإلصاق على القولين الأولين ، والتبعيض على الأقوال الأخيرة الثلاثة.