الإعراب :
صدره مفعول أول ليجعل ، وضيقا مفعول ثان ، وحرجا صفة لضيق لأنه بمعنى شديد الضيق. ومستقيما حال من صراط ربك ، والعامل فيه هاء التنبيه في هذا أو الاشارة لأنهما بمعنى الفعل. ولهم دار السلام مبتدأ وخبر ، وهو وليهم مثله ، وعند ربهم متعلق بمحذوف حالا من الضمير في لهم.
المعنى :
(فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ). قال الرازي : تمسك أصحابنا ـ يريد السنة الاشاعرة ـ بهذه الآية في بيان ان الضلال والهداية من الله تعالى.
أما أصحابنا فيقولون : لو كان الضلال والهداية من الله لسقط التكليف ، وبطل الحساب والجزاء ، لأنه تعالى أعدل من أن يفعل الشيء ، ويحاسب غيره عليه ، كيف؟. وهو القائل : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أما الآية التي نحن في صدد تفسيرها فلا تدل على دعوى الرازي وأصحابه ، لأنها لم ترد لبيان مصدر الضلال والهداية ، وانه من الله أو من غيره ، وانما وردت لبيان ان الناس فريقان :
الفريق الأول : تتسع صدورهم للحق ، ويتفاعلون معه ، ويطمئنون اليه ، لوعيهم وتجردهم عن الأغراض والأهداف الشخصية ، وتحررهم من التقاليد والأهواء ، وهؤلاء هم المعنيون بقوله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) ـ ١٨ الزمر. فقوله هم أولو الألباب يشعر بأن الله هداهم لأنهم من أولي الألباب ، وانه تعالى يمد العبد بهدايته لحكمة في ذات العبد نفسه .. وأيضا هم المعنيون بقوله (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ) ـ ١٣ الجن. وقوله : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) ـ ١٩٣ آل عمران. ولما علم سبحانه الخير من هذا الفريق زادهم الله هدى ، وأمدهم بتوفيقه وعنايته ، قال تعالى : (وَيَزِيدُ