العار ، كما نسب الى قيس بن عاصم ، قلده من هم على شاكلته في السفاهة والجهالة .. اذن ، فما هو الوجه في نسبة ذلك إلى الأصنام ، أو القائمين عليها؟.
الجواب : أجل ان تصرف المشركين كان بوحي من التقاليد ، ولكن السدنة والرؤساء قد زينوا هذه التقاليد وحبذوها ، وهم الناطقون باسم الأصنام فصحت النسبة اليها.
(لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) الواو يعود الى الكهنة ومن اليهم ، وضمير هم يعود الى المشركين ، والرد هنا معناه الهلاك ، واللبس الخلط ، واللام للعاقبة والمعنى ان الكهنة زينوا للمشركين أعمالهم ، فكانت نتيجة هذا التزين هلاك المشركين ، وضياعهم عن الحق والدين القويم (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ) أي لو شاء الله أن يمنعهم عن ذلك جبرا وقهرا ما تصرفوا في أموالهم وأولادهم ذاك التصرف القبيح ، ولكنه تركهم وشأنهم بعد أن هداهم النجدين. (فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) من اضافة ما يحللون ويحرمون الى الله .. والأمر بتركهم وافتراهم جاء لتهديد المشركين ووعيدهم ، وليس على وجهه وحقيقته ، تماما كالأمر في قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٤١ فصلت.
ثم ذكر سبحانه في الآية التالية ان المشركين قسموا زرعهم وأنعامهم الى ثلاثة أقسام :
القسم الأول (وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ). الحجر الحرام ، أي ان المشركين كانوا يقتطعون قسما من زرعهم وثمارهم وماشيتهم ، ويحرمون التصرف فيه إلا على من يختارون .. ولم يبين سبحانه الذين يختارهم المشركون لهذا القسم ، ولكن بعض المفسرين قالوا : هم الكهنة وخدم الأصنام ، وقال آخرون : هم الرجال دون النساء.
القسم الثاني (وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها) فلا تركب ، ولا يحمل عليها ، وتقدم ذكرها في الآية ١٠٣ من المائدة.
القسم الثالث (وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا) في الذبح ، بل يذكرون اسم آلهتهم ، وتقدم التفصيل عند تفسير الآية ١٢١ من هذه السورة (افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي انهم نسبوا هذا التقسيم إلى الله كذبا وافتراء ، والله معاقبهم عليه.