يكون الإيمان وعدمه سواء ، وقوله تعالى : (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) يومئ إلى أن الإيمان بالله ينجي صاحبه من الخلود في النار ، لا من عذاب النار ، أما من آمن وعمل صالحا فلا تمسه النار إطلاقا. (قُلِ انْتَظِرُوا) هذه الأمور الثلاثة (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ـ ٣٩ هود.
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ). الخطاب في لست موجه للنبي (ص). وكما اختلف الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كذلك المفسرون صاروا شيعا في تفسير المراد بالذين فرقوا دينهم. قيل : هم المشركون بالنظر إلى أن بعضهم يعبد الأصنام ، وبعضهم الكواكب ، وبعضهم النور والظلام. وقيل : هم أهل الكتاب فاليهود افترقوا إلى الصادوقيين والفريسيين والحسديين (١) أما النصارى فقسموا الكنيسة إلى شرقية وغربية. وقيل : هم الفرق الاسلامية. وقيل : كل أهل الملل والنحل بلا استثناء .. وخير ما قرأته في تفسير هذه الآية ما قاله صاحب تفسير المنار : ان المراد بالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أهل الكتاب ، والمراد ببراءة الرسول منهم تحذير المسلمين من مثل تفرقة أهل الكتاب وفعلهم ليعلموا انهم إذا فعلوا فعل أهل الكتاب فإن محمدا (ص) بريء منهم بطريق أولى.
(إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ) فهو وحده يتولى حساب وعقاب من يعمل على التفريق بين عباده ، ويثير العداوة والبغضاء في الدين وغير الدين (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) من الاستجابة الى الدساسين المفتنين : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) ـ ٣٨ الاعراف.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). كل ما فيه لله رضا وللناس صلاح فهو حسنة ، وكل ما فيه
__________________
(١). من أقوال الفريسيين ان الأموات يرجعون الى هذه الدنيا ليشتركوا في ملك المسيح الذي سيأتي ، ومن أقوال الصادوقيين انه لا حياة بعد الموت إطلاقا لا الى الدنيا ولا الى الآخرة ، ومن أقول الحسديين المساواة بين الناس. الأسفار المقدسة لعلي عبد الواحد وافي.