دسما ، ولا ينالون من الطعام إلا ما يقيم الأود تعظيما للحج ، فنزلت هذه الآية ، وان النبي (ص) قال : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، فنودي بقوله في الموسم ، ومن روايات هذا الباب ان امرأة جميلة من العرب نزعت ثيابها ووضعت يدها على فرجها وطافت ، ولما صوبت اليها الأنظار أنشدت وهي تطوف :
اليوم يبدو بعضه أو كله |
|
وما بدا منه فلا أحله |
جهم من الجهم عظيم ظله |
|
كم من لبيب عقله يضله |
وناظر ينظر ما يمله الجهم العبوس ، تريد أن فرجها عظيم في مكانه ، له هيبة وصيانة ، ولا أحد يستطيع الوصول اليه ، وانه يضجر من ناظره ويكرهه.
وأيا كان سبب النزول فان الله حرم نظر الأجنبي إلى عورة غيره رجلا كان أو امرأة ، وأوجب ستر العورتين في الصلاة والطواف .. والمراد بكل هنا العموم البدلي ، دون العموم الاستغراقي ، ومثلنا للفرق بين العمومين في التعليق على الآية السابقة ، والمقصود هو الحث على النظافة والتطهير من الأوساخ والأحداث ، والتزين بجميل الثياب في صلاة الجمعة والجماعة والأعياد والطواف ، حيث يجتمع الناس ، فلا ينفر بعضهم من ريح بعض ومنظره ، والتجمل حسن حتى للفقير يتجمل حسب وضعه وحاله ، وفي الحديث : ان الله جميل يحب الجمال.
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) هذا رد على من حرم بعض المآكل والمشارب (وَلا تُسْرِفُوا) في الأكل والشرب ، ولا في التزين باللباس والمظهر (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ). وفي الآية ٢٧ من الإسراء : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ). وفي الحديث : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس كل دواء ، وعوّدوا كل جسم ما اعتاد .. وقال الإمام علي المرتضى (ع): كم أكلة منعت أكلات.
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ). ظاهر اللفظ الاستفهام ، ومعناه المبالغة في نفي التحريم ، وانه من وساوس الشيطان ، لا من وحي الرحمن ، واضافة الزينة اليه تشعر بالحل ، أما لفظة الطيبات فتدل