بذاتها عليه ، لأن كل ما هو محرم فهو خبيث وليس بطيب ، والزينة تشمل جميع أنواعها من مسكن وملبس ومركب وأثاث ، وتشمل الطيبات جميع المأكولات والمشروبات ، والتمتع بالطيب والنساء ، والصوت الجميل والمنظر الجميل ، وكل ما لذ وطاب مما لم يرد النهي عنه في الشريعة ، واتفق علماء الإسلام قولا واحدا على ان كل شيء حلال ، حتى يرد فيه نهي ، واستدلوا بحكم العقل بأنه لا عقاب بلا بيان ، وبقول الرسول الأعظم (ص) : الناس في سعة ما لا يعلمون. وقوله : ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم. وقوله : كل شيء مطلق ، حتى يرد فيه نهي.
(قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ). أي ان الذين آمنوا الآن وفي هذه الحياة سوف يتنعمون غدا بزينة الله والطيبات من الرزق وحدهم لا يشاركهم فيها أحد من الذين كفروا وأشركوا ، أما في الحياة الدنيا فيتنعم بها الجميع المؤمنون والكافرون. (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) من تتبع آي الذكر الحكيم يرى ان الله سبحانه يطلق كلمة العالم على من علم أحكام الله وعمل بها ، وأيضا يطلقها على من يرجى منه ان يعلمها وينتفع بها إذا فصلت له ، والمراد بقوم يعلمون هنا هم النوع الثاني الذين ينتفعون ببيان حكم الزينة والطيبات وغيرها ، ويصيرون بمعرفة حكم الله علماء بالدين ، ويستدلون بآيات الله سبحانه على حلاله وحرامه.
وبعد أن أنكر سبحانه على من حرم الزينة والطيبات بيّن أصول المحرمات ، وهي : ١ ـ (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ). تقدم بيانها عند تفسير الآية ١٥١ من الأنعام ، فقرة الوصايا العشر ، رقم ٤.
٢ ـ (وَالْإِثْمَ) وهو كل ما يعصى الله به من قول أو فعل ، وعطف الإثم على الفواحش من باب عطف العام على الخاص ، نحو قوله تعالى : (كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ) ـ ١٦٣ النساء.
٣ ـ (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) وهو الظلم ، وفي الحديث : لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكا. وقال الإمام أمير المؤمنين (ع) : من سلّ سيف البغي قتل به.