نحن نصطاد يوم الأحد ، لا يوم السبت ، فأنكر عليهم جماعة منهم ، وزجروهم عن هذا الاحتيال والتلاعب بالدين ، وحذروهم من بأس الله وعذابه فلم يتعظوا.
(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً). أي قالت جماعة من بني إسرائيل أيضا للجماعة الناهية عن المنكر ، قالت لهم : ما الفائدة من نهيكم العصاة ، وتحذيركم إياهم ، ما داموا لا ينتهون ولا يحذرون؟! دعوهم .. فان الله سيستأصلهم عن آخرهم من هذه الأرض ، أو يبقيهم مع العذاب الأليم. فقالت جماعة الأمر بالمعروف : (مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ). أي نهيناهم عن المنكر ليعلم الله انّا لهم مخالفون ، ولأعمالهم كارهون ، وفي الوقت نفسه نرجو أن ينتفعوا بنهينا ومواعظنا.
(فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ). الضمير في نسوا وذكروا وظلموا ويفسقون عائد إلى العصاة ، وضمير ينهون عائد إلى جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووصف الله العصاة بالفاسقين لأنهم فسقوا عن أمر ربهم ، وبالظالمين لأن كل من فسق عن أمر ربه فهو ظالم لنفسه ، والمعنى ان الله سبحانه أخذ المذنبين بذنبهم ، وأنجى المطيعين لطاعتهم.
(فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ). عاقب سبحانه أولئك العصاة بمسخهم على هيئة القرود ، وفي رواية انهم بقوا كذلك ثلاثة أيام ، ثم هلكوا ، لأن الممسوخ لا يعيش أكثر من هذه المدة ، ولا يولد له شيء من جنسه.
وتسأل : لقد جرت سنة الله أن لا يأخذ المذنب بذنبه في الدنيا بشهادة الوجدان والعيان بالاضافة إلى قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) ـ ٤٥ فاطر. فكيف عاقب أولئك الذين خرجوا عن طاعته في صيد الحيتان ، وترك الذين أجروا من دماء الأبرياء أنهرا في فلسطين وفيتنام ، ومن قبلهما الكونغو واليابان ، وغيرها كثير مما لا يبلغه الإحصاء؟.
الجواب : أجل ، لقد جرت سنته تعالى بأن لا يأخذ المذنب بذنبه في هذه الحياة ، مهما عظم .. ولو فعل لما تميز الخبيث من الطيب ، ولما كان لتارك