هنا التدبير الخفي ، بحيث لا يشعر المكيد له إلا بعد خسرانه وخذلانه. والجنة بكسر الجيم ، وأصله الستر. والملكوت المالك غير المملوك. والعمه للقلب ، والعمى للعين.
الإعراب :
إن كيدي متين جملة مستأنفة ولهذا كسرت همزة إن. وما استفهامية انكارية في محل رفع بالابتداء ، وبصاحبهم متعلق بمحذوف خبرا ، والجملة مفعول ليتفكروا لأن التفكر من أفعال القلوب التي يجوز تعليقها عن العمل. وان عسى ان مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف أي انه عسى ، والمصدر المنسبك من أن يكون فاعل عسى ، وقد استغنت عسى بالفاعل هنا عن الخبر ، كما استغنت عنه في قولك عسى ان تقوم كأنك قلت : قرب قيامك ، ومثله عسى أن تكرهوا شيئا. واسم يكون ضمير مستتر يعود الى الشأن ، وجملة قد اقترب أجلهم خبر كان ، والجملة من عسى وفاعلها خبر ان.
المعنى :
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ). قد تتابع النعم على الإنسان ، فيتمادى في طغيانه اغترارا بكثرته وثروته ذاهلا عن المخبآت والمفاجئات ، حتى إذا قال الناس طوبى له فاجأته ساعة السوء .. وقد اغتر أبو سفيان بيوم أحد ، وقال : يوم بيوم بدر ، حتى إذا جاء نصر الله والفتح استسلم صاغرا. قال الإمام علي (ع) : كم من مستدرج بالإحسان اليه ، ومغرور بالستر عليه ، ومفتون بحسن القول فيه ، وما ابتلى الله أحدا بمثل الاملاء له (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ). الاملاء الامهال وعدم الاستعجال ، والمراد بكيد الله انه تركهم يغترون بإحسانه الظاهر ، حتى إذا ركنوا اليه أخذهم من حيث لا يشعرون : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) ـ ٥٧ المؤمنون.