وبكلمة بسيطة وواضحة ان معنى الآية انه تعالى لا يعذب قريشا إذا كان محمد بينهم ، وأيضا لا يعذبهم إذا أسلموا ، وعبّر عن الإسلام بالاستغفار لأنه من لوازمه. وبهذا يتضح انه لا حاجة إلى التأويلات التي ذكرها المفسرون بالإضافة إلى أنها تترك القارئ في ظلمات لا يهتدي الى شيء.
(وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). ما لهم استفهام يتضمن معنى النفي ، أي لا شيء فيهم من دين أو خلق يمنع من عذابهم ، فإنهم الى جانب شركهم يصدون المسلمين عن عبادة الله في بيته الحرام ، فما كان المسلم ، حتى النبي (ص) يوم كان بمكة يستطيع الصلاة في المسجد الحرام ، دون أن يتحمل منهم الأذى والتنكيل ، وقد اتفقوا على صد النبي والمسلمين بالقوة عن العمرة عام الحديبية (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) أي ان المشركين ليسوا أصحاب المسجد الحرام ، ولا هم أولياء عليه ، بل هم أعداء الله وأعداء بيته فيجب طردهم ومنعهم عنه ، لأنهم يدنسونه برجسهم ونجاستهم ، ومن أجل هذا حين قوي الإسلام منعهم من قربه : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) ـ ٢٨ التوبة.
(إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ). أي لا يحق لأحد كائنا من كان أن يتولى المسجد الحرام إلا إذا كان برا تقيا إلى جانب إسلامه وإقراره بالشهادتين. فكيف المشرك والجاحد؟ وموضوع الآية وان كان خاصا بأولياء المسجد الحرام ، ولكن التقوى شرط في كل من يتولى المساجد والمقامات الدينية ، لأن السبب الموجب هو طهارة المكان وقداسته .. والغريب ان أكثر الذين يتولون أمر هذه المقامات هم شرار الخلق الذين يتقنون فن الاحتيال واللصوصية (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ان الولي على المساجد والعتبات المقدسة يجب أن يكون برا تقيا ، انه لا ولاية لفاسق.
وتسأل : ان قوله تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) يشعر بأن الله قد عذب قريشا ، مع العلم بأنه لم يحل بهم ما حل بقوم الأنبياء السابقين كعاد وثمود وقوم نوح ولوط وغيره؟.
الجواب : إن الذين آذوا النبي والمسلمين من قريش قتلهم الله يوم بدر بأيدي المسلمين أنفسهم .. وقد كان من جملة القتلى أبو جهل وعقبة بن أبي معيط