ثم قال في الذخيرة : فأمّا ابنه أبو مروان هذا فكان من أهل الحديث والرواية ، ورحل إلى المشرق ، وسمع من جماعة من المحدثين بمصر والحجاز ، وقتل بقرطبة سنة سبع وخمسين وأربعمائة ، انتهى.
وقد ذكر قصة قتله المستبشعة واتهم باغتياله ابنه.
ومن نظم أبي مروان الطّبني المذكور ما وجده صاحب الذخيرة في بعض التعاليق بخط بعض أدباء قرطبة قال : لما عدا أبو عامر أحمد بن محمد بن أبي عامر على الحذلمي في مجلسه وضربه ضربا موجعا ، وأقرّ بذلك أعين مطالبيه ، قال أبو مروان الطّبني فيه : [بحر المنسرح]
شكرت للعامريّ ما صنعا |
|
ولم أقل للحذيلميّ لعا (١) |
ليث عرين عدا بعزته |
|
مفترسا في وجاره ضبعا |
لا برحت كفه ممكّنة |
|
من الأماني فنعم ما صنعا |
وددت لو كنت شاهدا لهما |
|
حتى ترى العين ذلّ ما خضعا |
إن طال منه سجوده فلقد |
|
طال لغير السجود ما ركعا |
قال ابن بسام : وابن رشيق القائل قبله : [بحر البسيط]
كم ركعة ركع الصّفعان تحت يدي |
|
ولم يقل سمع الله لمن حمده (٢) |
ثم قال ابن بسام في الذخيرة ما نصه : والعرب تقول : «فلان يركع لغير صلاة» إذا كنوا عن عهر الخلوة ، ومن مليح الكناية لبعض المتقدّمين يخاطب امرأته : [بحر الكامل]
قلت : التشيّع حبّ أصلع هاشم |
|
فترفّضي إن شئت أو فتشيعي (٣) |
قالت : أصيلع هاشم ، وتنفّست |
|
بأبي وأمي كل شيء أصلع |
ولما صنت كتابي هذا من شين الهجاء ، وكبرته أن يكون ميدانا للسفهاء ، أجريت ههنا طلقا من مليح التعريض ، في إيجاز القريض ، مما لا أدب على قائليه ، ولا وصمة عظمى على من قيل فيه ، والهجاء ينقسم قسمين : فقسم يسمونه هجو الأشراف وهو ما لم يبلغ أن يكون سبابا مقذعا ، ولا هجوا مستبشعا ، وهو طأطأ قديما من الأوائل ، وثلّ عرش القبائل ، إنما هو
__________________
(١) لعا : دعاء للعاثر بمعنى أنجاك الله وأنعسك.
(٢) الصفعان : الذي يضرب كثيرا على قفاه.
(٣) أصلع هاشم : الإمام علي رضي الله عنه.