ولو لم يشقني الظاعنون لشاقني |
|
حمام تداعت في الديار وقوع |
تداعين فاستبكين من كان ذا هوى |
|
نوائح ما تجري لهنّ دموع |
ذيّلها عباس بن فرناس يمدح بعض الرؤساء بديهة فقال : [بحر الطويل]
شددت بمحمود يدا حين خانها |
|
زمان لأسباب الرجاء قطوع |
بنى لمساعي الجود والمجد قبلة |
|
إليها جميع الأجودين ركوع |
وكان محمود جوادا ، فقال له : يا أبا القاسم ، أعزّ ما يحضرني من مالي القبّة ، يعني قبة قامت عليه بخمسمائة دينار ، وهي لك بما فيها مع كسوتي هذه ، ونكون في ضيافتك بقية يومنا ، ودعا بكسوة فلبسها ، ودفع إليه الكسوة.
٦٩ ـ ومن الوافدين من المشرق الأمير شعبان بن كوجبا (١).
من غزّ الموصل ، وفد على أمير المؤمنين يعقوب المنصور ملك الموحّدين ، ورفع له أمداحا جليلة ، وقدّمه على إمارة مدينة بسطة من الأندلس.
قال أبو عمران بن سعيد : أنشدني لنفسه : [بحر الطويل]
يقولون إنّ العدل في الناس ظاهر |
|
ولم أر شيئا منه سرّا ولا جهرا |
ولكن رأيت الناس غالب أمرهم |
|
إذا ما جنى زيد أقادوا به عمرا (٢) |
وإلّا فما بال النّطاسيّ كلّما |
|
شكوت له يمنى يدي فصد اليسرى (٣) |
٧٠ ـ ومن الوافدين من المشرق على الأندلس أبو اليسر إبراهيم بن أحمد الشيباني(٤).
من أهل بغداد ، وسكن القيروان ، ويعرف بالرياضي ، وكان له سماع ببغداد من جلّة المحدّثين والفقهاء والنحويين ، لقي الجاحظ والمبرد وثعلبا وابن قتيبة ، ولقي من الشعراء أبا تمام والبحتري ودعبلا وابن الجهم ، ومن الكتّاب سعيد بن حميد وسليمان بن وهب وأحمد بن أبي طاهر وغيرهم ، وهو الذي أدخل إفريقية رسائل المحدثين وأشعارهم وطرائف أخبارهم ، وكان عالما أديبا ، ومرسّلا بليغا ، ضاربا في كل علم وأدب ، سمع وكتب بيده أكثر كتبه ، مع براعة خطّه وحسن وراقته.
__________________
(١) في ج : «شعبان بن كوحيا».
(٢) أقاد : أقام القود. والقود : القصاص.
(٣) النطاسي : الطبيب الحاذق. وفصده : شق عرقه لإخراج الدم منه.
(٤) انظر ترجمته في التكملة ص ١٧٣.