والجمع ، ولم يتمّ ، ورتّب كتاب «المقصور والممدود» على التفعيل ومخارج الحروف من الحلق مستقصى في بابه لا يشذّ منه شيء ، وكتاب «فعلت وأفعلت» وكتاب «مقاتل الفرسان» و «تفسير السبع الطوال».
وكان الزبيدي إماما في الأدب ، ولكنه عرف فضل القالي ، فمال إليه ، واختصّ به ، واستفاد منه ، وأقرّ له.
وكان الحكم المستنصر قبل ولايته الأمر وبعدها ينشط أبا علي ، ويعينه على التأليف بواسع العطاء ، ويشرح صدره بالإفراط في الإكرام ، وكانوا يسمّونه «البغدادي» لوصوله إليها من بغداد ، ويقال : إنّ الناصر هو الذي استدعاه من بغداد لولائه فيهم ، وفيه يقول الرمادي متخلّصا في لاميّته السابق بعضها : [بحر الكامل]
روض تعاهده السحاب كأنه |
|
متعاهد من عهد إسماعيل (١) |
قسه إلى الأعراب تعلم أنّه |
|
أولى من الأعراب بالتفضيل |
حازت قبائلهم لغات فرّقت |
|
فيهم وحاز لغات كلّ قبيل (٢) |
فالشرق خال بعده وكأنما |
|
نزل الخراب بربعه المأهول |
فكأنه شمس بدت في غربنا |
|
وتغيّبت عن شرقهم بأفول (٣) |
يا سيدي هذا ثنائي لم أقل |
|
زورا ولا عرّضت بالتنويل |
من كان يأمل نائلا فأنا امرؤ |
|
لم أرج غير القرب في تأميلي (٤) |
وقد تقدّمت أبيات القالي التي أجاب بها منذر بن سعيد في الباب قبل هذا ، فلتراجع ثمّة ، والله تعالى أعلم.
٥٩ ـ ومن الوافدين إلى الأندلس من المشرق أبو العلاء صاعد بن الحسن بن عيسى البغدادي ، اللغوي (٥).
__________________
(١) تعاهده السحاب : من «العهدة» وهي المطر بعد المطر ، أي السحاب ملتزم له بالمطر.
(٢) أراد أن كل أعرابي يعرف لغة قبيلته دون غيرها ، أما هو فقد جمع معرفة لغات كل القبائل.
(٣) أفلت الشمس : غربت. والأفول : مصدر أفل.
(٤) نائلا : عطاء.
(٥) ترجمة صاعد : في الذخيرة ٤ / ١ : ٢ ـ ٣٩. وابن خلكان ٢ / ١٨١. وإنباه الرواة ٢ / ٨٥ ، وبغية الوعاة ٢ / ٧. والجذوة ٢٢١.