كان من أكابر الصالحين المتورعين ، ومولده سنة ٦٠١ بشريش ، وتوفي برباط الملك الناصر بسفح قاسيون سنة ٦٨٥ في ٢٤ رجب ، ودفن قبالة الرباط ، وله المصنفات المفيدة ، تولى مشيخة الصخرة بحرم القدس الشريف ، وقدم دمشق ، وتولى مشيخة الرباط الناصري ، فلما توفي قاضي القضاة جمال الدين المالكي ولوه مشيخة المالكية بدمشق ، وعرضوا عليه القضاء فلم يقبل ، وبقي في المشيخة إلى أن توفي ، رحمه الله تعالى ونفعنا به وبأمثاله! آمين.
٢٤٩ ـ ومن الراحلين من الأندلس الفقيه الصالح أبو بكر بن محمد بن علي بن ياسر ، الجيّاني ، المحدث الشهير.
ذكره ابن السمعاني وغيره ، سافر الكثير ، وورد العراق ، وطاف في بلاد خراسان ، وسكن بلخ ، وأكثر من الحديث ، وحصّل الأصول ، ونسخ بخطه ما لا يدخل تحت حصر ، قال ابن السمعاني : وله أنس ومعرفة بالحديث ، لقيته بسمرقند ، وكان قدمها سنة ٥٤٩ مع جماعة من أهل الحجاز لدين له عليهم ، وسمعت منه جزءا خرّجه من حديث يزيد بن هارون مما وقع له عاليا ، وجزءا صغيرا من حديث أبي بكر بن أبي الدنيا ، وأحاديث أبي بكر الشافعي في أحد عشر جزءا المعروف بالغيلانيات بروايته عن ابن الحصين عن ابن غيلان عنه ، وكان مولده بجيّان سنة ٤٩٣ [أو في التي بعدها ، الشك منه ، ثم لقيته بنسف في أواخر سنة خمسين](١) ولم أسمع منه شيئا ، ثم قدم علينا في بخارى في أوائل سنة إحدى وخمسين وسمعت من لفظه جميع كتاب الزهد لهنّاد بن السّري (٢) الكوفي بروايته عن أبي القاسم سهل بن إبراهيم المسجدي عن الحاكم أبي عبد الرحمن محمد بن أحمد الشاذياخي عن الحاكم أبي الفضل محمد بن الحسين الحدّادي عن حماد بن أحمد السلمي عن مصنفه ، وأخبرنا الجيّاني بسمرقند أنبأنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين الكاتب ببغداد ، أنبأنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، أخبرنا محمد بن مسلمة أنبأنا يزيد بن هارون ، أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار ناداهم مناد : يا أهل الجنّة ، إنّ لكم عند الله موعدا لم تروه ، قالوا : وما هو؟ ألم يثقّل موازيننا ويبيّض وجوهنا ويدخلنا الجنّة وينجنا من النّار؟ قال : فيكشف الحجاب فينظرون إليه ، فو الله ما أعطاهم
__________________
(١) ما بين حاصرتين سقط من ه ومثبت في أ ، ب.
(٢) هناد بن السري : هو هناد بن السري الكوفي الوراق ، روى عن عبثر بن القاسم وأبي الأحوص وابن المبارك وابن فضيل. قال عنه ابن حنبل : صدوق. (انظر الجرح والتعديل للرازي ٩ / ١١٩).