فقلت فراقي للأحبة مؤذن |
|
بشيبي وإن كنت ابن عشرين من سني |
ومحاسنه ـ رحمه الله تعالى! ـ كثيرة ، وفي الرحلة منها جملة.
٢١٥ ـ ومنهم برهان الدين أبو إسحاق بن الحاج إبراهيم ، النميري ، الغرناطي.
وهو أيضا مذكور في ترجمة ابن الخطيب بما يغني عن تكرير اسمه هنا وقال رحمه الله تعالى في رحلته : أخبرني شيخنا ـ يعني الشيخ الإمام الصالح أبا عبد الله محمد المعروف بخليل التوزري إمام المالكية بالحرم الشريف رضي الله تعالى عنه ـ قال : اعتكفت بجامع عمرو بن العاص كفّا لشرّتي عن الناس ، خصوصا أدّى الغيبة ، نحو خمسين ليلة ، أردت أن أدعو لطائفة من أصحابي بمطالب مختلفة ، كل بحسب ظني فيه يومئذ ، فأدركتني حيرة في التمييز والتخصيص ، فألهمت أن قلت بديهة : [بحر المتقارب]
شهدنا بتقصير ألبابنا |
|
فحسن اختيارك أولى بنا (١) |
وأنت البصير بأعدائنا |
|
وأنت البصير بأحبابنا |
قال : ثم أردفتها بدعاء ، وهو : اللهم يا من لا يعلم خيره إلا هو ، أنت أعلم بأعدائنا وأودّائنا (٢) ، فافعل بكل منهم ما يناسب حسن اختيارك لنا ، حسبما علمته منا ، وكفى بك عليما ، وكفى بك قديرا ، وكفى بك بصيرا ، وكفى بك لطيفا ، وكفى بك خبيرا ، وكفى بك نصيرا ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كثيرا كثيرا.
وقال ابن الحاج المذكور في الرحلة المذكورة : إذا التقى الرجل بعدوه وهو على خوف منه فليقرأ هذه الحروف (كهيعص (١)) [مريم : ١] ، (حم (١) عسق (٢)) [الشورى : ١ ـ ٢] وليعقد بكل حرف منها أصبعا ، يبدأ بإبهام يده اليمنى ويختم بإبهام يده اليسرى ، فإذا قرب من عدوه فليقرأ في نفسه سورة الفيل ، فإذا وصل إلى قوله (تَرْمِيهِمْ) [الفيل : ٤] فليكررها ، وكلما كررها فتح أصبعا من أصابعه المعقودة تجاه العدو ، فيكررها عشر مرات ، ويفتح جميع أصابعه ، فإذا فعل ذلك أمن من شره إن شاء الله تعالى وهو مجرب ، انتهى.
ومن بديع نظم أبي إسحاق ابن الحاج النميري المذكور قوله : [بحر الكامل]
يا رب كاس لم يسحّ شمولها |
|
فاعجب لها جسما بغير مزاج (٣) |
__________________
(١) الألباب : جمع لب ، وهو العقل.
(٢) أودّاؤنا : الذين يودّوننا ويخلصون لنا الحب.
(٣) في ب : «لم يشجّ». وشج الشراب بالماء : مزجه به. وسحّ : سال. والشمول : الخمر.