ولي بغرناطة حبيب |
|
قد غلق الرهن في يديه (١) |
ودعته وهو في دلال |
|
يظهر لي بعض ما لديه |
فلو ترى طلّ نرجسيه |
|
ينهلّ في ورد وجنتيه |
أبصرت درّا على عقيق |
|
من دمعه فوق صفحتيه |
وله رحلة مشهورة بأيدي الناس.
ولما وصل بغداد تذكر بلده ، فقال : [بحر الطويل]
سقى الله باب الطاق صوب غمامة |
|
وردّ إلى الأوطان كل غريب(٢) |
وقال في رحلته في حق دمشق : جنة المشرق (٣) ، ومطلع حسنه المونق المشرق ، هي خاتمه بلاد الإسلام التي استقريناها ، وعروس المدن التي اجتليناها [التي](٤) قد تحلّت بأزاهير الرياحين ، وتجلت في حلل سندسية من البساتين ، وحلت من موضع الحسن بمكان مكين ، وتزينت في منصتها أجمل تزيين ، وتشرفت بأن آوى الله تعالى المسيح وأمّه منها إلى ربوة ذات قرار ومعين ، ظل ظليل ، وماء سلسبيل ، تناسب مذانبه (٥) انسياب الأراقم بكل سبيل ، ورياض يحيي النفوس نسيمها العليل ، تتبرج لناظريها بمجتلى صقيل ، وتناديهم هلموا إلى معرّس للحسن ومقيل ، قد سئمت أرضها كثرة الماء ، حتى اشتاقت إلى الظّمإ ، فتكاد تناديك بها الصمّ الصلاب ، أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ، قد أحدقت بها البساتين إحداق الهالة بالقمر ، واكتنفتها اكتناف الكمامة (٦) للزهر ، وامتدّت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر ، فكلّ موقع لحظة بجهاتها الأربع نظرته اليانعة قيد النظر ، ولله صدق القائلين فيها : إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها ، وإن كانت في السماء فهي بحيث تسامتها (٧) وتحاذيها.
قال العلامة ابن جابر الوادي آشي ، بعد ذكره وصف ابن جبير لدمشق ، ما نصه : ولقد أحسن فيما وصف منها وأجاد ، وتوّق الأنفس للتطلع على صورتها بما أفاد ، هذا ولم تكن بها
__________________
(١) غلق الرهن : لم يقدر الراهن على تخليصه فصار ملكا للمرتهن.
(٢) باب الطاق : محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي (انظر معجم البلدان ج ١ ص ٣٠٨).
(٣) المونق : المعجب بحسنه ورونقه.
(٤) التي : ساقطة من ب.
(٥) المذانب جمع مذنب وهو مسيل الماء.
(٦) اكتنفتها : أحاطت بها. والكمامة : غلاف الزهرة.
(٧) تسامتها : على سمتها أي جهتها.