لا تقتدي في الدين إلا بما |
|
سنّ ابن سينا وأبو نصر (١) |
وقال : [بحر السريع]
يا وحشة الإسلام من فرقة |
|
شاغلة أنفسها بالسّفه |
قد نبذت دين الهدى خلفها |
|
وادّعت الحكمة والفلسفه |
وقال : [مخلع البسيط]
ضلت بأفعالها الشنيعه |
|
طائفة عن هدى الشريعه |
ليست ترى فاعلا حكيما |
|
يفعل شيئا سوى الطبيعه |
وكان (٢) انفصاله ـ رحمه الله تعالى! ـ من غرناطة بقصد الرحلة المشرقية أول ساعة من يوم الخميس الثامن لشوال سنة ٥٧٨ ، ووصل الإسكندرية يوم السبت التاسع والعشرين من ذي القعدة الحرام من السنة ، فكانت إقامته على متن البحر من الأندلس إلى الإسكندرية ثلاثين يوما ، ونزل البر الإسكندراني في الحادي والثلاثين ، وحج رحمه الله تعالى وتجوّل في البلاد ودخل الشام والعراق والجزيرة وغيرها ، وكان ـ رحمه الله تعالى! كما قال ابن الرقيق ـ من أعلام العلماء العارفين بالله ، كتب في أول أمره عن السيد أبي سعيد بن عبد المؤمن صاحب غرناطة ، فاستدعاه لأن يكتب عنه كتابا وهو على شرابه ، فمدّ يده إليه بكأس ، فأظهر الانقباض ، وقال : يا سيدي ما شربتها قط ، فقال : والله لتشربنّ منها سبعا ، فلما رأى العزيمة شرب سبع أكؤس ، فملأ له السيد الكأس من دنانير سبع مرات وصبّ ذلك في حجره ، فحمله إلى منزله وأضمر أن يجعل كفارة شربه الحج بتلك الدنانير ، ثم رغب إلى السيد ، وأعلمه أنه حلف بأيمان لا خروج له عنها أنه يحج في تلك السنة ، فأسعفه ، وباع ملكا له تزود به ، وأنفق تلك الدنانير في سبيل البر.
ومن شعره في جارية تركها بغرناطة. [بحر مخلع البسيط]
طول اغتراب وبرح شوق |
|
لا صبر والله لي عليه |
إليك أشكو الذي ألاقي |
|
يا خير من يشتكى إليه |
__________________
(١) ابن سينا : هو الحسين بن عبد الله بن سينا ، أبو علي ، الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات (انظر الأعلام للزركلي ج ٢ ص ٢٦١). وأبو النصر : هو محمد بن طرخان الفارابي أحد فلاسفة المسلمين.
(٢) في ب : «كان انفصاله».