ولمّا رأيت الشّيب حلّ مفارقي (١) |
|
نذيرا بترحال الشباب المفارق |
رجعت إلى نفسي فقلت لها انظري |
|
إلى ما أتى ، هذا ابتداء الحقائق |
دعي دعوات اللهو قد فات وقتها |
|
كما قد أفات الليل نور المشارق (٢) |
دعي منزل اللّذّات ينزل أهله |
|
وجدّي لما ندعى إليه وسابقي |
قال عياض : توفي سهل هذا غريقا في البحر متصرفا إلى بلده من المريّة ، رحمه الله تعالى (٣)!.
٥٥ ـ ومنهم أبو المكارم هبة الله بن الحسين ، المصري.
كان من أهل العلم ، عارفا بالأصول ، حافظا للحديث ، متيقّظا ، حسن الصورة والشّارة ، دخل الأندلس ، وولي قضاء إشبيلية منها آخر شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
قال ابن الأبار : وبه صرف أبو القاسم الخولاني ، وأقام بها سنة ، وحضر غزوة شنترين ، وكان قدوم أبي المكارم هذا الأندلس خوفا من صلاح الدين يوسف بن أيوب في قوم من شيعة العبيدي ملك مصر ، ووفد أيضا معه أبو الوفاء المصري ، ثم استصحبه أمير المؤمنين يعقوب المنصور معه في غزوة قفصة الثانية ، وولّاه حينئذ قضاء تونس ، وكان قد ولي قضاء فاس ، وولي أيضا أبو الوفا صاحبه القضاء ، وتوفي وهو متولي (٤) قضاء تونس سنة ست وثمانين وخمسمائة ، رحمه الله تعالى!.
٥٦ ـ ومنهم يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الله ، القيسي ، الدمشقي.
أصله من دمشق ، وبها ولد ، ويعرف بالأصبهاني في مجلس أبي طاهر السّلفي لدخوله إيّاها وإقامته بها أزيد من خمسة أعوام لقراءة الخلافيات ، ويكنى أبا زكريا ، وسمع بالمشرق أبا بكر بن ماشاذة (٥) السكري ، وأبا الرشيد بن خالد البيع ، وأبا الطاهر السلفي وغيرهم ، وقصد المغرب بعد أداء الفريضة فلقي ببجاية أبا محمد عبد الحق الإشبيلي ، وأجازه وحضّه على الوعظ والتذكير ، فامتثل ذلك ، ودخل الأندلس ، وتجوّل ببلادها ، واستوطن غرناطة منها ،
__________________
(١) المفارق ـ جمع مفرق ، وهو الموضع الذي يفرق فيه الشعر من الرأس ، والمفارق في آخر البيت اسم فاعل من الفعل فارق.
(٢) فات وقتها : مضى.
(٣) زاد في التكملة «سنة ٥٣١».
(٤) في ب : وهو يتولّى.
(٥) في أ«ما شاده» بالدال المهملة. وفي ب «ما شاذه».