قال الحميدي : خرج من الأندلس في الفتنة ، فمات بها قريبا من سنة عشر وأربعمائة.
وقال ابن حزم : توفي بصقلية سنة سبع عشرة وأربعمائة.
وقال ابن بشكوال في حقه : «إنه يتّهم بالكذب وقلّة الصدق فيما يورده ، عفا الله تعالى عنه»! وقدم الأندلس من مصر أيام المؤيد وتحكم المنصور بن أبي عامر في حدود سنة ٣٨٠ ، فأكرمه المنصور ، وزاد في الإحسان إليه ، والإفضال عليه ، وكان عالما باللغة والآداب والأخبار ، سريع الجواب ، حسن الشعر ، طيّب المعاشرة ، فكه المجالسة.
وقال بعضهم (١) : دخل صاعد على المنصور وعنده كتاب ورد عليه من عامل له في بعض الجهات اسمه ميدمان (٢) بن يزيد يذكر فيه القلب والتربيل (٣) ، وهما عندهم اسم الأرض قبل زراعتها ، فقال له : يا أبا العلاء ، قال : لبيك يا مولانا ، فقال : هل رأيت أو وصل إليك من الكتب القوالبة والروالبة لميدمان بن يزيد (٤)؟ ، قال : إي والله ببغداد في نسخة لأبي بكر بن دريد بخطّه ككراع النمل ، في جوانبها ، فقال له : أما تستحيي أبا العلاء من هذا الكذب؟ هذا كتاب عاملي ببلد كذا واسمه كذا يذكر فيه كذا ، فجعل يحلف له أنه ما كذب ، ولكنه أمر وافق. ومات عن سنّ عالية ، رحمه الله تعالى!.
٦٠ ـ ومن الوافدين على الأندلس من المشرق الشيخ تاج الدين بن حمويه السرخسي(٥).
ولد سنة ٥٧٣ (٦) ، وقد ذكر في رحلته عجائب شاهدها بالمغرب ومشايخ لقيهم ، فمنهم الحافظ أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري ، قال : سمعت عليه سنة سبع وتسعين وخمسمائة الحديث وشيئا من تصانيف المغاربة ، وروي لنا عن الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن قرقول ، وولي ابن حوط الله المذكور قضاء غرناطة ، وأدرك ابن بشكوال وابن حبيش وابن حميد المرسي النحوي وأبا يزيد السهيلي صاحب الروض وغيرهم. ومن الشيوخ الذين لقيهم السرخسي المذكور بالمغرب الفقيه ابن أبي تميم قال : وأنشدني : [بحر مجزوء الكامل]
__________________
(١) انظر الذخيرة ٤ / ١ : ٢٠.
(٢) في ب : «مبرمان بن يزيد».
(٣) في ب : «والتزبيل».
(٤) في ب : «والزوالبة لمبرلمان بن يزيد».
(٥) انظر شذرات الذهب ج ٥ ص ٢١٤.
(٦) في ب : «ولد سنة ٥٧٢».