أمر الحسين الأنصاري الذي انتزى (١) عليه بسرقسطة ، فبطل ذلك العزم.
ومن شعر عبد الرحمن أيضا قوله يتشوّق إلى معاهد الشام : [بحر الخفيف]
أيها الراكب الميمّم أرضي |
|
اقر منّي بعض السلام لبعضي |
إنّ جسمي كما علمت بأرض |
|
وفؤادي ومالكيه بأرض |
قدّر البين بيننا فافترقنا |
|
وطوى البين عن جفوني غمضي (٢) |
قد قضى الله بالفراق علينا |
|
فعسى باجتماعنا سوف يقضي |
وترجمة الداخل طويلة ، وقد ذكر منها ما فيه مقنع ، انتهى. والله تعالى الموفق للصواب. وفي بنائه جامع قرطبة يقول بعضهم : [بحر الطويل]
وأبرز في ذات الإله ووجهه |
|
ثمانين ألفا من لجين وعسجد (٣) |
وأنفقها في مسجد زانه التّقى |
|
وقرّ به دين النبيّ محمد |
ترى الذهب الوهّاج بين سموكه |
|
يلوح كلمح البارق المتوقّد |
٣٣ ـ ومن الوافدين على الأندلس أبو الأشعث الكلبي.
دخل الأندلس ، وكان شيخا مسنّا يروي عن أمّه عن عائشة ، رضي الله تعالى عنها! إلّا أنه كان مندرا (٤) صاحب دعابة ، وكان مختصّا بعبد الرحمن بن معاوية ، وله منه مكانة لطيفة يدلّ بها عليه (٥) ، ولمّا توفي حبيب بن عبدالملك بن عمر بن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، وكانت له من عبد الرحمن خاصّة لم تكن لأحد من أهل بيته ، جعل عبد الرحمن يبكي ويجتهد في الدعاء والاستغفار لحبيب ، وكان إلى جنبه أبو الأشعث هذا قائما ، وكانت له دالّة عليه ودعابة يحتملها منه ، فأقبل عند استقباره كالمخاطب للمتوفّى علانية يقول : يا أبا سليمان ، لقد نزلت بحفرة قلّما يغني عنك فيها بكاء الخليفة عبد الرحمن بعده ، فأعرض عنه عبد الرحمن ، وقد كاد التبسّم يغلبه ، هكذا ذكره ابن حيّان ، رحمه الله تعالى في «المقتبس» ، ونقله عنه الحافظ ابن الأبار.
٣٤ ـ ومن الداخلين إلى الأندلس جزي بن عبدالعزيز ، أخو عمر بن عبد العزيز ، رضي الله تعالى عنه!
__________________
(١) انتزى عليه : ثار عليه ووثب.
(٢) البين : بعد المسافة.
(٣) اللجين : الفضة. والعسجد : الذهب.
(٤) مندرا : صاحب نوادر.
(٥) يدلّ عليه : يجترئ عليه ثقة منه بمحبته.