عند وداعه إياه ، قال : أنشدني أبو تراب جندل (١) عند الوداع لبعضهم : [مخلع البسيط]
السم من ألسن الأفاعي |
|
أعذب من قبلة الوداع |
ودّعتهم والدموع تجري |
|
لما دعا للوداع داعي |
٢٢٣ ـ ومنهم أبو العباس ـ ويقال : أبو جعفر ـ أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل ، التجيبي ، الزاهد ، ويعرف بابن الأقليشي.
صاحب كتاب «النجم ، من كلام سيد العرب والعجم» صلى الله عليه وسلم عارض به كتاب القضاعي ، وأصل أبيه من أقليش ، وضبطها بعضهم بضم الهمزة ، وسكن دانية ، وبها ولد ونشأ ، سمع أباه أبا بكر (٢) وأبا العباس بن عيسى ، وتلمذ له ، ورحل إلى بلنسية فأخذ العربية والآداب عن أبي محمد البطليوسي ، وسمع الحديث من صهره أبي الحسن طارق بن يعيش والحافظ أبي بكر بن العربي وأبي (٣) الوليد بن خيرة وابن الدباغ ، ولقي بالمريّة أبا القاسم بن ورد وأبا محمد عبد الحق بن عطية وولي الله سيدي أبا العباس بن العريف ، ورحل إلى المشرق سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ، وجاور بمكة سنين ، وسمع بها من أبي الفتح الكروخي جامع الترمذي برباط أم الخليفة العباسي سنة سبع وأربعين وخمسمائة ، ثم كر راجعا إلى الغرب (٤) ، فقبض في طريقه ، وحدث بالأندلس والمشرق ، وكان عالما ، عاملا ، متصوّفا ، شاعرا مجوّدا ، مع التقدم في الصلاح والزهد والعزوف عن الدنيا وأهلها ، والإقبال على العلم والعبادة ، وله تصانيف : منها كتاب «الغرر ، من كلام سيد البشر» وكتاب «ضياء الأولياء» وهو أسفار عدة ، وحمل الناس عنه معشّراته في الزهد ، وكتبها الناس ، وكان يضع يده على وجهه إذا قرأ القارئ فيبكي حتى يعجب الناس من بكائه ، وكان الناس يدخلون عليه بيته والكتب عن يمينه وشماله ، وقد وصف غير واحد إمامته وعلمه وورعه وزهده ، وروى عنه أبو الحسن (٥) بن كوثر وابن بيبش وغيرهما.
ومن شعره قوله : [بحر الطويل]
أسير الخطايا عند بابك واقف |
|
له عن طريق الحق قلب مخالف |
قديما عصى عمدا وجهلا وغرّة |
|
ولم ينهه قلب من الله خائف |
__________________
(١) في التكملة : ابن جندل.
(٢) في أ : «سمع أباه وأبا بكر».
(٣) في ب : «وأبوي».
(٤) في ب : «إلى المغرب».
(٥) في ب ، ه : «أبو الحسين بن كوثر».