والد أبي بكر محمد صاحب التاريخ ، غلب عليه اسم بلده ، وكان يفد من المشرق على ملوك بني مروان تاجرا ، وكان مع ذلك متفننا (١) في العلوم ، وهلك منصرفه من الوفادة على الأمير المنذر بن محمد بإلبيرة ، في شهر ربيع الآخر سنة ٢٧٣ ، ذكره ابن حيان في «المقتبس».
٦٣ ـ ومنهم الوزير أبو الفضل محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ، التميمي ، الدارمي ، البغدادي.
سمع من أبي طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص وغيره ، وخرج من بغداد رسولا عن أمير المؤمنين القائم بأمر الله العباسي ، رضي الله تعالى عنه ، إلى صاحب إفريقية المعزّ بن باديس ، واجتمع مع أبي العلاء المعري بالمعرّة ، وأنشده قصيدة لامية يمدح بها صاحب حلب ، فقبّل عينيه ، وقال له : لله أنت من ناظم! وخرج من إفريقية من أجل فتنة العرب ، وخيّم عند المأمون بن ذي النون بطليطلة ، وله فيه أمداح كثيرة ، ومن فرائد شعره قوله : [بحر المنسرح]
يا ليل ، ألّا انجليت عن فلق |
|
طلت ولا صبر لي على الأرق (٢) |
جفت لحاظي التغميض فيك فما |
|
تطبق أحفانها على الحدق (٣) |
كأنني صورة ممثّلة |
|
ناظرها الدّهر غير منطبق |
وقال : [بحر السريع]
يزرع وردا ناضرا ناظري |
|
في وجنة كالقمر الطالع |
أمنع أن أقطف أزهاره |
|
في سنّة المتبوع والتابع |
فلم منعتم شفتي قطفها |
|
والشرع أنّ الزرع للزارع (٤) |
هكذا نسبها له غير واحد كابن سعيد وابن كتيلة ، وبعضهم ينسبها للقاضي عبد الوهّاب.
قلت : وقد أجاب عنها بعض المغاربة بقوله : [بحر السريع]
سلّمت أنّ الحكم ما قلتم |
|
وهو الذي نصّ عن الشارع |
فكيف تبغي شفة قطفه |
|
وغيرها المدعوّ بالزارع |
__________________
(١) في ب : «متقنا».
(٢) ألّا : هلّا. والفلق : الصبح. والأرق : القلق والسهر وذهاب النوم ليلا.
(٣) في ب : «جفا لحاظي التغميض».
(٤) في ب : «والحكم أن الزرع للزارع».