وما أظنهما طال اعتناقهما |
|
إلا لما لقيا من لوعة الأسف (١) |
وأحسن من هذا قول القيسراني : [بحر البسيط]
أستشعر اليأس من «لا» ثم يطمعني |
|
إشارة في اعتناق اللام للألف |
وكانت وفاة أبي الحسن المذكور في ربيع الأول سنة ٦٥٥ ، ودفن بقاسيون رحمه الله تعالى! والأبيات التي أولها «القضب راقصة» نسبها له اليونيني وغير واحد ، والصواب أنها ليست له ، وإنما هي لنور الدين سعيد (٢) ابن صاحب المغرب ، وقد تقدم ذكره ، ولعل السهو سرى من تشارك الاسم واللقب والقطر ، ومثل هذا كثيرا ما يقع ، والله تعالى أعلم.
٣٠١ ـ ومن الراحلين من أهل الأندلس إلى المشرق ابن عتبة الإشبيلي ، وكان فارق إشبيلية حين تولاها ابن هود ، واضطرمت بفتنته الأندلس نارا ، ولما قدم مصر هاربا من تلك الأهوال تغيرت عليه البلاد ، وتبدّدت (٣) به الأحوال ، فلما سئل عن حاله ، بعد بعده عن أرضه وترحاله ، بادر وأنشد : [بحر مخلع البسيط]
أصبحت في مصر مستضاما |
|
أرقص في دولة القرود |
وا ضيعة العمر في أخير |
|
مع النصارى أو اليهود |
بالجدّ رزق الأنام فيهم |
|
لا بذوات ولا جدود |
لا تبصر الدهر من يراعي |
|
معنى قصيد ولا قصود |
أودّ من لؤمهم رجوعا |
|
للغرب في دولة ابن هود |
وتذكرت بقوله : «أرقص في دولة القرود» ما وقع لأبي القاسم بن القطان ، وهو مما يستطرف ويستظرف ، وذلك أنه لما ولي الوزارة الزينبيّ دخل عليه أبو القاسم المذكور والمجلس حافل بالرؤساء والأعيان ، فوقف بين يديه ودعا له ، وأظهر الفرح والسرور ، ورقص ، فقال الوزير لبعض من يفضي إليه بسره : قبح الله هذا الشيخ! فإنه يشير برقصه إلى قول الشاعر:
وأرقص للقرد في دولته
__________________
(١) في ب ، ه : «وما أظنهما طال اجتماعهما».
(٢) في ب : «لنور الدين بن سعيد».
(٣) في ب ، ه : «وتعدلت به الأحوال».