ولم يقل : أعطني هذا الصديق وخذ مني الخلافة ، وأنا أقول : قد ظفرنا به بحمد الله ولم أجد أحدا في دهره وافق الغرض فلم نر خلافه.
ومنها : فهذه يا ابن شاهين أياديك البيض ، تفرخ لك الشكر وتبيض ، فلا دليل على ولائي ، كإملائي ، ولا شاهد لما في أحنائي (١) ، كثنائي ، ولا حجة على ودادي ، كتكراري ذكرك وتردادي.
وهي طويلة ، لا يحضرني الآن منها سوى ما ذكرته.
ولنقتصر من مكاتبات أعيان العصر من أهل دمشق المحروسة على هذا المقدار ، ونسأل الله تعالى أن يحفظهم جميعا في الإيراد والإصدار.
وفي تاريخ ورود هذه المكاتيب الشامية السابقة عليّ ، اتفق ورود كتب من المغرب ، وجّهها جماعة من أعيانه إليّ.
فمن ذلك كتاب كتبه لي الأستاذ المجوّد الأديب الفهامة معلم الملوك سيدي الشيخ محمد بن يوسف المراكشي التامليّ نصه : الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد تتوالى ، من المحب المخلص المشتاق ، إلى السيد الذي وقع على محبته الاتفاق ، وطلعت شموس معارفه في غاية الإشراق ، وصار له في ميدان الكمال حسن الاستباق ، الصدر الكامل ، والعالم العامل ، الفقيه الذي تهتدي الفقهاء بعلمه وعمله ، البليغ الذي تقتدي البلغاء ببراعه وقلمه (٢) ، ناشر ألوية المعارف ، ومسدي أنواع العوارف ، العلّامة إمام العصر ، بجميع أدوات الحصر ، سيدي أحمد بن محمد المقري قدّس الله السلف! كما بارك في الخلف. سلام من النسيم أرقّ ، وألطف من الزهر إذا عبق.
وبعد ، فإن أخباركم دائما ترد علينا ، وتصل إلينا ، بما يسر الخاطر ، ويقرّ الناظر ، مع كل وارد وصادر ، والعبد يحمد الله تعالى على ذلك ، ويدعو الله بالاجتماع معكم هنالك.
ويرحم الله عبدا قال آمينا
كتبته إليكم أيها السيد من الحضرة المراكشية مع كثرة أشواق ، لا تسعها أوراق ، كتبكم الله سبحانه فيمن عنده ، كما جعلكم ممن أخلص في موالاة الحق قصده ، وودي إليكم غضّ الحدائق ، مستجل في مطلع الوفاء بمنظر رائق ، لا يحيله عن مركز الثبوت عائق ، وحقيق بمودة
__________________
(١) أحنائي : أضلاعي ، جمع حنو.
(٢) في ب ، ه : «ببراعة قلمه». وهو أفضل.