وها أنا في أكفان هجرك مدرج |
|
تكلّفني ما لا أطيق فأحمل |
وأجريت دمعي بالدماء مدبّجا |
|
وما هو إلا مهجتي تتحلّل (١) |
فمتفق سهدي وجفني وعبرتي |
|
ومفترق صبري وقلبي المبلبل |
ومؤتلف شجوي ووجدي ولوعتي |
|
ومختلف حظي وما منك آمل |
خذ الوجد عني مسندا ومعنعنا |
|
فغيري موضوع الهوى يتحيل |
وذي نبذ من مبهم الحب فاعتبر |
|
وغامضه إن رمت شرحا أحول |
عزيز بكم صب ذليل لغيركم |
|
ومشهور أوصاف المحب التذلل |
غريب يقاسي البعد عنك ، وما له |
|
وحقّ الهوى عن داره متحوّل |
فرفقا بمقطوع الوسائل ، ما له |
|
إليك سبيل لا ولا عنك معدل |
فلا زلت في عز منيع ورفعة |
|
وما زلت تعلو بالتجني فأنزل |
أورّي بسعدى والرّباب وزينب |
|
وأنت الذي تعنى وأنت المؤمّل (٢) |
فخذ أوّلا من آخر ثم أولا |
|
من النّصف منه فهو فيه مكمل |
أبر إذا أقسمت أني بحبّه |
|
أهيم وقلبي بالصبابة يشعل |
وقد ذكرت شرحها في الجزء الثلاثين من تذكرتي ، انتهى كلام الصفدي.
وظاهر كلامه أنه ابن فرح ـ بفتح الراء ـ والذي تلقيناه عن شيوخنا أنه بسكون الراء ، وقد شرح هذه القصيدة جماعة من أهل المشرق والمغرب يطول تعدادهم ، وهي وحدها دالة على تمكن الرجل ، رحمه الله تعالى!
٢١٣ ـ ومنهم عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر ، أبو الأصبغ ، الأموي ، الأندلسي.
سمع بمكة وبدمشق ومصر وغيرها ، وحدث عن سليمان بن أحمد بن يحيى بسنده إلى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنّ لكلّ نبيّ أب عصبة ينتمون إليها ، إلّا ولد فاطمة فأنا وليّهم وأنا عصبتهم ، وهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ويل للمكذّبين بفضلهم ، من أحبّهم أحبّه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله» وحدث عن أبي العباس أحمد بن محمد البرذعي بسنده إلى عبد الله بن المبارك قال : كنت عند مالك بن أنس وهو يحدثنا ، فجاءت عقرب فلدغته ست عشرة مرة ، ومالك يتغير لونه ويتصبر ، ولا يقطع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ من
__________________
(١) دبّجه : زوقه. وهنا المدبج : المخلوط.
(٢) أورّي : أريد شيئا وأظهر غيره.