٢٨٣ ـ ومنهم عبد الله بن رشيق ، القرطبي.
رحل من الأندلس ، فأوطن القيروان (١) ، واختص بأبي عمران الفاسي ، وتفقه به ، وكان أديبا شاعرا عفيفا خيرا ، وفي شيخه أبي عمران أكثر شعره ، ورحل حاجا فأدى الفريضة ، وتوفي في انصرافه بمصر سنة ٤١٩ ، وأنشد له ابن رشيق في «الأنموذج» قوله رحمه الله تعالى : [بحر مجزوء الخفيف]
خير أعمالك الرضا |
|
بالمقادير والقضا |
بينما المرء ناضر |
|
قيل : قد مات وانقضى |
وقوله : [بحر الطويل]
سأقطع حبلي من حبالك جاهدا |
|
وأهجر هجرا لا يجر لنا عرضا |
وقد يعرض الإنسان عمن يوده |
|
ويلقى ببشر من يسرّ له البغضا |
قال في «الأنموذج» : وأراد الحج فناله وجع فمات بمصر بعد اشتهاره فيها بالعلم والجلالة ، وقد بلغ عمره نحو الأربعين سنة ، رحمه الله تعالى! وهو مخالف لما قدمناه من أنه أدى الفريضة ، وقد ذكر ابن الأبار العبارتين ، والله تعالى أعلم.
٢٨٤ ـ ومنهم أبو بكر اليابري ، ويكنى أيضا أبا محمد ، وهو عبد الله بن طلحة بن محمد بن عبد الله.
أصله من يابرة ، ونزل هو إشبيلية ، وروى عن أبي الوليد الباجي وعن جماعة بغرب الأندلس منهم أبو بكر بن أيوب وأبو الحزم بن عليم وأبو عبد الله بن مزاحم البطليوسيّون وغيرهم ، وكان ذا معرفة بالنحو والأصول والفقه وحفظ التفسير والقيام عليه ، وحلّق به (٢) مدّة بإشبيلية وغيرها ، وهو كان الغالب عليه مع القصص فيسرد منه جملا على العامّة ، وكان متكلما ، وله رد على أبي محمد بن حزم ، وكان أحد الأئمة بجامع العديس (٣) ، ورحل إلى المشرق ، فروى عن أبي بكر محمد بن زيدون بن علي كتابه المؤلف في الحديث المعروف بالزيدوني ، وألف كتابا في شرح صدر رسالة ابن أبي زيد (٤) ، وبين ما فيها من العقائد ، وله
__________________
(١) أوطن القيروان : أقام بها واتخذها وطنا.
(٢) في أ : «وعلق به». وحلق به : أي كانت له به حلقة.
(٣) في ب : «بجامع العدبّس» وفي ه «بجامع العريس».
(٤) في ه : «رسالة ابن زيدون».