ولم يعرف ذلك في حياته. وسمّاه أبو الوليد بن الدباغ في الطبقة العاشرة من طبقات أئمّة المحدّثين من تأليفه ، مع أبي عمر بن عبد البرّ ، وأبي محمد بن حزم ، وأبي بكر بن ثابت الخطيب ، وذكره أبو القاسم بن عساكر في تاريخه ، وقال : سمع بما وراء النهر والعراق ومصر واليمن والقيروان ، ثم سكن مصر ، وقدم دمشق قديما وحدّث بها ، وسمّى جماعة كثيرة من الرواة عنه ، وحكي أنه قال : لي ببخارى أربعة عشر ألف جزء حديث أريد أن أمضي وأجيء بها ، قال : وسئل عن مولده ، فقال : في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة ، قال : وتوفي بالحوراء (١) سنة إحدى وسبعين وأربعمائة ، رحمه الله تعالى ورضي عنه! انتهى.
قلت : والذي أعتقده أنه لم يدخل الأندلس من أهل المشرق أحفظ منه للحديث ، وهو ثقة عدل ليس له مجازفة ، والحقّ أبلج.
٤٧ ـ وممّن دخل الأندلس من المشرق عبد الجبار بن أبي سلمة الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، القرشي ، الزهري.
دخل الأندلس مع موسى بن نصير ، وكان على ميسرة معسكره ، ونزل باجة ثم بطليوس ، ومن نسله الزّهريون الأشراف الذين كانوا بإشبيلية انتقلوا إلى سكناها قديما ، هكذا في خبر القاضي أبي الحسين الزهري منهم عن أبي بكر بن خير وغيره ، قال ابن بشكوال في مجموعه المسمّى ب «التنبيه والتعيين ، لمن دخل الأندلس من التابعين» : عبد الجبار بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف من التابعين ، وقع ذكره في كتاب شيخنا أبي الحسن بن مغيث ، انتهى.
قال ابن الأبار : ولم يزد على هذا ، انتهى.
٤٨ ـ ومن الداخلين إلى الأندلس من المشرق أبو محمد عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الوهاب.
من أهل مصر ، وسكن بغداد ، ويعرف بالطندتائي ، قرية بمصر نسب إليها ، روى عن أبي محمد الشارمساحي ، وتفقّه به ، وقدم الأندلس رسولا بزعمه من عند الخليفة العباسي ، فسكن مرسية ، ودرس بها ، وخرج منها سنة اثنتين وأربعين وستمائة بعد أن تملّكها النصارى صلحا ، وأسر بناحية صقلية ، قال ابن الأبار : ثم بلغني أنه تخلّص ولحق ببلده ، رحمه الله تعالى!.
__________________
(١) الحوراء ، بفتح الحاء وسكون الواو : كورة من كور مصر القبلية في آخر حدودها من جهة الحجاز ، وهي على البحر في شرق القلزم. وقيل : الحوراء مرفأ سفن مصر إلى المدينة (انظر معجم البلدان لياقوت الحموي).