فقلت لهم : إني لأحسب حبهم |
|
سرى في قلوب الخلق حتى البهائم |
ومن نظم الرضي المذكور : [بحر البسيط]
منغّص العيش لا يأوي إلى دعة |
|
إن كان في بلد أو كان ذا ولد (١) |
والساكن النفس من لم ترض همته |
|
سكنى بلاد ولم يسكن إلى أحد |
وله : [مخلع البسيط]
لو لا بناتي وسيئاتي |
|
لطرت شوقا إلى الممات |
لأنني في جوار قوم |
|
بغّضني قربهم حياتي |
وقرأ عليه أبو حيان كتاب «التيسير» وأثنى عليه ، ولما توفي أنشد ارتجالا : [بحر المتقارب]
نعوا لي الرضيّ فقلت لقد |
|
نعى لي شيخ العلا والأدب |
فمن للغات ومن للثقات |
|
ومن للنحاة ومن للنسب |
لقد كان للعلم بحرا فغار |
|
وإنّ غؤور البحار العجب |
فقدّس من عالم عامل |
|
أثار لشجوي لما ذهب |
وتحاكم إلى رضي الدين المذكور الجزار والسراج الوراق أيهما أشعر ، وأرسل إليه الجزار شيئا ، فقال : هذا شعر جزل (٢) ، من نمط شعر العرب ، فبلغ ذلك الوراق ، فأرسل إليه شيئا فقال : هذا شعر سلس (٣) ، وآخر الأمر قال : ما أحكم بينكما ، رحمه الله تعالى!.
قلت : رأيت بخطه كتبا كثيرة بمصر وحواشي مفيدة في اللغة وعلى دواوين العرب ، رحمه الله تعالى!.
١٧٠ ـ ومنهم حميد الزاهد ، وهو الأديب الفاضل الزاهد أبو بكر حميد بن أبي محمد عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله ، الأنصاري ، القرطبي ، نزيل مالقة.
قال الرضي الشاطبي المذكور قريبا : أنشدني حميد بالقاهرة لأبيه أبي محمد وقد تأخر شيبه مع علوّ سنه : [بحر الطويل]
__________________
(١) في ب : «من كان ذا بلد أو كان ذا ولد».
(٢) الشعر الجزل : القوي المحكم ، الصعب في بنائه ومعانيه.
(٣) الشعر السلس : اللين العذب ، السهل.