الله تعالى! ـ قاضي الجماعة بغرناطة أبو عبد الله محمد (١) بن علي بن محمد بن الأزرق.
قال السخاوي : إنه لازم الأستاذ إبراهيم بن أحمد بن فتوح مفتي غرناطة في النحو والأصلين والمنطق ، بحيث كان جل انتفاعه به ، وحضر مجالس أبي عبد الله محمد بن محمد السّرقسطي العالم الزاهد مفتيها أيضا في الفقه ، ومجالس الخطيب أبي الفرج عبد الله بن أحمد البقني ، والشهاب قاضي الجماعة بغرناطة أبي العباس أحمد بن أبي يحيى بن شرف (٢) التلمساني ، انتهى.
وله رحمه الله تعالى تآليف : منها «بدائع السلك ، في طبائع الملك» كتاب حسن مفيد في موضوعه ، لخص فيه كلام ابن خلدون في مقدمة تاريخه وغيره مع زوائد كثيرة ، ومنها «روضة الأعلام ، بمنزلة العربية من علوم الإسلام» مجلد ضخم فيه فوائد وحكايات لم يؤلف في فنه مثله ، وقفت عليه بتلمسان وحفظت منه ما أنشده لبعض أهل عصره مما يكتب في سيف : [بحر البسيط]
إن عمت الأفق من نقع الوغى سحب |
|
فشم بها بارقا من لمع إيماضي (٣) |
وإن نوت حركات النصر أرض عدى |
|
فليس للفتح إلا فعلي الماضي (٤) |
ومن إنشائه في التأليف المذكور ما صورته : قلت : ولقد كان شيخنا العلامة أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فتوح قدّس الله تعالى روحه يفسح لصاحب البحث مجالا رحبا ، ويوسع المراجع له قبولا ورحبا ، بل يطالب بذلك ويقتضيه ، ويختار طريق التعليم به ويرتضيه ، وتوقيفا على ما خلص له تحقيقه ، ووضح له في معيار الاختيار تدقيقه ، وإلا فقد كان ما يلقيه غاية ما يتحصل ، ويتمهد به مختار ما يحفظ ويتأصّل ، انتهى.
وهو يدل على ملكته في الإنشاء ، ويحقق ما يحصله ، إلا أن ذلك إذا طال حتى وقع الملل والضجر أو كاد فينبغي الإمساك عن البحث ، لئلا يفضي الحال إلى ما ينهى عنه.
قال : ومخالفة التلميذ الشيخ في بعض المسائل إذا كان لها وجه وعليها دليل قائم يقبله غير الشيخ من العلماء ليس من سوء أدب التلميذ مع الشيخ ، ولكن مع ملازمة التوقير الدائم ،
__________________
(١) انظر ترجمته في أزهار الرياض ج ٣ ص ٣١٧.
(٢) كذا في أ ، ب ، ج. وفي ه : ابن الشريف.
(٣) النقع : الغبار المتطاير في المعركة.
(٤) فعلي الماضي : هنا فعلي القاطع.