وبالجملة فمحاسنه كثيرة ، رحمه الله تعالى ورضي عنه!.
ومن فوائده قوله : حكى لي بعض علماء المالكية قال : كنا نقرأ المدوّنة على الشيخ سراج الدين البلقيني الشافعي ، فوقعت مسألة خلافية بين مالك والشافعي فقال الشيخ في مسألة «مذهبنا كذا» في مسألة لم يقل فيها الشافعي بما قال ، وإنما نسبها البلقيني لنفسه ، ثم فطن وخاف أن ينتقد عليه المالكية ويقولون له : أنت شافعي وهذا ليس مذهب الشافعي ، فقال : فإن قلتم يا مالكية لسنا بمالكية ، وإنما أنتم شافعية ، قلنا : كذلك أنتم قاسمية ، وقد اجتمعنا الكل في مالك ، قال : وهذا الكلام حلو حسن في غاية الإنصاف من الشيخ.
قال : ولما قرىء عليه كتاب «الشفاء» مدحه وأثنى عليه إلى الغاية ، وكان يحضره جماعة من المالكية فقال القاضي جمال الدين ابنه : ما لكم يا مالكية لا تكونون مثل القاضي عياض؟
فقال له أبوه الشيخ سراج الدين المذكور : وما لك لا تقول للشافعية ما لكم يا شافعية لا تكونون مثل القاضي عياض؟.
ومن فوائد الراعي في باب العلم من شرحه على الألفية : في الكلب عشر خصال محمودة ينبغي أن تكون في كل فقير ، لا يزال جائعا ، وهو من دأب الصالحين ، ولا يكون له موضع يعرف به ، وذلك من علامة المتوكلين ، ولا ينام من الليل إلا القليل ، وذلك من صفات المحبين ، وإذا مات لا يكون له ميراث ، وذلك من أخلاق الزاهدين ، ولا يهجر صاحبه وإن جفاه وطرده ، وذلك من شيم المريدين ، ويرضى من الدنيا بأدنى يسير ، وذلك من إشارة القانعين ، وإذا غلب عن مكانه تركه وانصرف إلى غيره ، وذلك من علامة المتواضعين ، وإذا ضرب وطرد ثم دعي أجاب ، وذلك من أخلاق الخاشعين ، وإذا حضر شيء من الأكل وقف ينظر من بعيد (١) ، وذلك من أخلاق المساكين ، وإذا رحل لم يرحل معه بشيء ، وذلك من علامة (٢) المتجردين ، انتهى بمعناه.
وقد نسبه للحسن البصري رحمه الله تعالى ورضي عنه بمنه.
ومن تصانيفه رحمه الله تعالى كتاب «الفتح المنير ، في بعض ما يحتاج إليه الفقير» في غاية الإفادة ، ملكته بالمغرب ولم أره بهذه البلاد المشرقية ، وحفظت منه فوائد ممتعة.
ومن الراحلين من الأندلس إلى المشرق بعد أخذ جميع بلاد الأندلس ـ أعادها
__________________
(١) في أ : «من بعد».
(٢) كذا في أ ، ب ، وفي ه : «وذلك علامة المتجردين».