شتّان من قام ذا امتعاض |
|
فمرّ ما قال واضمحلا (١) |
ومن غدا مصلتا لعزم |
|
مجرّدا للعداة نصلا |
فجاب قفرا وشقّ بحرا |
|
ولم يكن في الأنام كلّا (٢) |
فشاد ملكا وشاد عزّا |
|
ومنبرا للخطاب فصلا |
وجنّد الجند حين أودى |
|
ومصّر المصر حين أجلى |
ثم دعا أهله جميعا |
|
حيث انتؤوا أن هلمّ أهلا (٣) |
وله غير ذلك من الشعر ، وسيأتي بعضه ممّا يقارب هذه الطبقة.
وأول ناصر لعبد الرحمن سائر معه في الخمول والاستخفاء مولاه المتقدّم الذكر ، سعى في سلطانه شرقا وغربا وبرّا وبحرا ، فلمّا كمل له الأمر سلبه من كل نعمة ، وسجنه ، ثم أقصاه إلى أقصى الثغر ، حتى مات وحاله أسوأ حال ، والله تعالى أعلم بالسرائر ، فلعلّ له عذرا ويلومه من يسمع مبدأه ومآله (٤).
ورأس الجماعة الذين توجّه إليهم بدر في القيام بسلطانه أبو عثمان ، ولمّا توطّدت دولة الداخل استغنى عنه وعن أمثاله ، فأراد أبو عثمان أن يشغل خاطره ، وينظر في شيء يحتاج به إليه ، فجعل ابن (٥) أخيه يثور عليه في حصن من حصون إلبيرة ، فوجّه عبد الرحمن من قبض عليه وضرب عنقه ، ثم أخذ أبو عثمان مع ابن أخي الداخل ، وزيّن له القيام عليه ، فسعي لعبد الرحمن بابن أخيه قبل أن يتمّ أمره ، فرب عنقه وأعناق الذين دبّروا معه ، وقيل له : إن أبا عثمان كان معه ، وهو الذي ضمن له تمام الأمر ، فقال : هو أبو سلمة (٦) هذه الدولة ، فلا يتحدّث الناس عنه بما تحدّثوا عن بني العباس في شأن أبي سلمة ، لكن سأعتبه عتبا أشدّ من القتل ،
__________________
(١) في ب : فشال ما قلّ واضمحلّا.
(٢) الكلّ ، بفتح الكاف : أراد هنا ضعيفا.
(٣) انتؤوا : ابتعدوا.
(٤) في ب : من يسمع مبداه ومآله.
(٥) في ب ، ه : «فجعل ابن أخته».
(٦) يشير إلى أبي سلمة الخلال الذي كان يلقب بوزير آل محمد ، وهو حفص بن سليمان الخلال مولى بني الحارث بن كعب وكان من الساعين في تدبير أمر دولة العباسيين هو وأبو مسلم الخراساني وقد تخلص منه أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين ويقال إن العباس دعاه ليلة للسمر عنده فلما انقضى السمر خلع عليه وأكرمه ، وخرج أبو سلمة فقتل في الطريق وكان مقتله بتدبير السفاح.