المعتمد بن عباد ، وحرض عليه أمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب المغرب حتى أزال ملكه ، ونثر سلكه ، وسبب هلكه ، كما ذكرناه في غير هذا الموضع من هذا الكتاب غير مرة ، فليراجعه من أراده في محاله ، وبيت بني الهوزني المذكور بالأندلس بيت كبير مشهور ، ومنهم عدة علماء وكبراء ، رحم الله تعالى الجميع!.
٢٥٢ ـ ومنهم أبو زكريا يحيى بن قاسم بن هلال ، القرطبي ، الفقيه المالكي.
أحد الأئمة الزهاد ، كان يصوم حتى يعجز (١) ، توفي سنة ٢٧٢ ، وقيل : سنة ٢٧٨ ، ورحل إلى المشرق ، وسمع من عبد الله بن نافع صاحب مالك بن أنس ، ومن سحنون بن سعيد ، وغيرهما ، وكان فاضلا فقيها عابدا عالما بالمسائل ، وروى عنه أحمد بن خالد ، وكان يفضله ويصفه بالفضل والعلم ، وهو صاحب الشجرة ، قال عباس بن أصبغ : كانت في داره شجرة تسجد لسجوده إذا سجد ، قال ابن الفرضي رحمه الله تعالى ، ورضي عنه ، ونفعنا به!.
٢٥٣ ـ ومنهم أبو بكر يحيى بن مجاهد بن عوانة ، الفزاري ، الإلبيري ، الزاهد.
سكن قرطبة ، قال ابن الفرضي : كان منقطع القرين في العبادة ، بعيد الاسم في الزهد ، حج ، وعني بعلم القرآن والقراءات والتفسير ، وسمع بمصر من الأسيوطي وابن الورد وابن شعبان وغيرهم ، وكان له حظ من الفقه والرواية إلا أن العبادة غلبت عليه ، وكان العمل أملك به ، ولا أعلمه حدّث ، توفي رحمه الله تعالى سنة ست وستين وثلاثمائة ، ودفن في مقبرة الرّبض ، وصلى عليه القاضي محمد بن إسحاق بن السليم ، ثم صلى عليه حيّان مرة ثانية ، رحمه الله تعالى! وأفاض علينا من أنوار عنايته! آمين.
٢٥٤ ـ ومنهم أبو بكر محمد بن أحمد بن إبراهيم ، الصدفي ، الإشبيلي ، الأديب البارع.
له نظم حسن ، وموشحات رائقة ، قرأ على الأستاذ الشلوبين وغيره ، ومدح الملوك ، ورحل من الأندلس فقدم ديار مصر ، ومدح بها بعض من كان يوصف بالكرم ، فوصله بنزر يسير (٢) ، فكر راجعا إلى المغرب ، فتوفي ببرقة ، رحمه الله تعالى! وكان من النجباء في النحو وغيره.
ومن نظمه من قصيدة : [بحر البسيط]
ما بي موارد أمر بل مصادره |
|
اللحظ أوّله واللحد آخره (٣) |
__________________
(١) في ب : «حتى يخضرّ».
(٢) النزر : القليل التافه.
(٣) في ب ، ه : «ما بي موارد أمس بل مصاره».