المجلس وتفرق الناس عنه قلت له : يا أبا عبد الله ، قد رأيت منك عجبا ، قال : نعم ، أنا صبرت إجلالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد أبو الأصبغ المذكور بقرطبة وتوفي ببخارى سنة ٣٦٥.
قال الحاكم أبو عبد الله : رأيت أبا الأصبغ في المنام في بستان فيه خضرة ومياه جارية وفرش كثيرة ، وكأني أقول : إنها له ، فقلت : يا أبا الأصبغ ، بماذا وصلت إليه؟ أبا لحديث؟ فقال : إي والله ، وهل نجوت إلا بالحديث؟ قال : ورأيته أيضا وهو يمشي بزي أحسن ما يكون ، فقلت : أنت أبو الأصبغ؟ فقال : نعم ، قلت : ادع الله تعالى أن يجمعني وإياك في الجنة ، فقال : إن أمام الجنة أهوالا ، ثم رفع يديه وقال : اللهم اجعله معي في الجنة بعد عمر طويل ، انتهى.
٢١٤ ـ ومنهم القاضي أبو البقاء خالد ، البلوي ، الأندلسي ، رحمه الله تعالى (١).
وهو خالد بن عيسى بن أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد ، البلوي ، ووصفه الشاطبي بأنه الشيخ الفقيه القاضي الأعدل ، انتهى.
وهو صاحب الرحلة المسماة : «تاج المفرق ، في تحلية أهل المشرق» ، ومما أنشده رحمه الله تعالى فيها لنفسه : [بحر الكامل]
ولقد جرى يوم النوى دمعي دما |
|
حتى أشاع الناس أنك فاني (٢) |
والله إن عاد الزمان بقربنا |
|
لكففت عن ذكر النوى وكفاني |
وهذه الرحلة المسماة بتاج المفرق مشحونة بالفوائد والفرائد ، وفيها من العلوم والآداب ما لا يتجاوزه الرائد (٣) ، وقد قال رحمه الله تعالى فيها في ترجمة الولي نجم الدين الحجازي رضي الله تعالى عنه ، ما نصه : وذكر لي رضي الله تعالى عنه قال : مما وصّى به الجد الأكبر أبو الحجاج يوسف المذكور ـ يعني سيدي أبا الحجاج يوسف بن عبد الرحيم الأقصري القطب الغوث رضي الله تعالى عنه ، وأعاد علينا من بركاته ـ خواصّه وأصدقاءه ، قال : إذا أدركتكم الضرورة والفاقة (٤) فقولوا : حسبي الله ، ربي الله يعلم أنني في ضيق ، قال : وذكر لي أيضا
__________________
(١) انظر ترجمته في الإحاطة ١ : ٣٢٤.
(٢) النوى : البعد.
(٣) راد : تفقد واستطلع. والرائد : المستطلع السابق من القوم.
(٤) الفاقة : الفقر والحاجة.