الجماعة بقرطبة ، وذلك في المحرم سنة سبعين ومائة ، وأقام أشهرا ، ثم استعفى فأعفاه ، ورحل حاجا فأدى الفريضة ، وسمع في رحلته إمامنا مالك بن أنس وانصرف ومات عن سن عالية سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وذكره ابن شعبان في الرواة عن مالك ، وحكي أنه روى عنه : من قطع لسانه استؤني به عاما ، وأن مالكا قال له : قد بلغني أن بالأندلس من نبت لسانه فإن لم ينبت أقيد ، انتهى.
٢٠٥ ـ ومنهم أبو عبدالله محمد بن أحمد حيّاز ، الشاطبي ، الأوسي.
قدم مصر ، وكان قد أخذ عن ابن برطلة وابن البراء وغيرهما ، وعمل فهرست شيوخه على حروف المعجم ، وحج وعاد إلى بلده ، ومات يوم الجمعة حادي عشر رجب سنة ثماني عشرة وسبعمائة ، رحمه الله تعالى وغفر له!.
٢٠٦ ـ ومنهم القاضي أبو مروان محمد بن أحمد بن عبدالملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة بن صخر بن سماعة ، اللّخمي ، الأندلسي ، الإشبيلي.
قال أبو شامة : هو من بيت كبير بالأندلس يعرف ببني الباجي مشهور ، كثير العلماء والفضلاء ، وأصلهم من باجة القيروان ، وليس منهم القاضي أبو الوليد الباجي الفقيه ، فإنه من بيت آخر من باجة الأندلس ، وقدم أبو مروان حاجا من بلاده في البحر إلى عكا من ساحل دمشق ، ثم دخل دمشق سادس شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وستمائة ، ونزل عندنا بالمدرسة العادليّة ، وجدّه الأعلى أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قدم إلى الديار المصرية ، وحج منها ومعه ولده محمد أخو عبد الملك ويعرف بصاحب الوثائق ، وسمعا بها من جماعة من العلماء ، وذكر أبو عبد الله الحميدي أحمد بن عبد الله هذا في «المقتبس» (١) ، وكناه أبا عمر ، وذكر أنه سكن إشبيلية وأثنى عليه كثيرا ، وقال : مات في حدود الأربعمائة ، وروى عنه ابن عبد البر وغيره.
وأبوه عبد الله بن محمد بن علي يعرف بالرواية ، ذكره الحميدي أيضا.
وذكر ابن بشكوال في «الصلة» عبد الملك بن عبد العزيز جد هذا الشيخ القادم وأثنى عليه ، وقال : توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وكان هذا الشيخ أبو مروان حسن الأخلاق فاضلا متواضعا محسنا ، وسمعته يقول ، وقد
__________________
(١) في ب : «جذوة المقتبس».