أبي الوقت السّجزي والسّلفي وأبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي وأبي محمد بن المبارك بن الطباخ وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وشهدة الكاتبة بنت الأبرى ، زعم أنه قرأ عليها صحيح البخاري ، وجماعة بالمشرق والأندلس لم يلقهم ولم يسمع منهم ، وربما حدّث بواسطة (١) عن بعضهم ، وأكثرهم مجهولون ، وقفت على ذلك في فهرست روايته ، فزهد أكثر السامعين منه ، واطّرحوا الرواية عنه (٢) ، ومنهم أبو العباس النباتي وأبو عبد الله بن أبي البقاء ، وجمع أربعين حديثا مسلسلة سمّاها باللآلىء المفصلة ، حدّث فيها عن ابن بشكوال وابن غالب الشراط وغيرهما من الأندلسيين الذين لم يلقهم ولا أجازوا له ، أخذها عنه ابن الطّيلسان وغيره ، وكان ـ مع هذا ـ فقيها على مذهب الشافعي ، رضي الله تعالى عنه! فصيحا ، مشاركا في فنون من العلم ، سمح الله تعالى له! انتهى.
ولا بأس أن نذكر جملة من النساء القادمات من المشرق على الأندلس ، ثم نعود أيضا إلى ذكر أعلام الرجال ، فنقول :
٧٤ ـ من النساء الداخلات الأندلس من المشرق عابدة المدنية ، أم ولد حبيب بن الوليد المرواني ، المعروف بدحون.
وكانت جارية سوداء ، من رقيق المدينة ، حالكة اللون ، غير أنها تروي عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة وغيره من علماء المدينة ، حتى قال بعض الحفاظ : إنها تروي عشرة آلاف حديث.
وقال ابن الأبار : إنها تسند حديثا كثيرا ، وهي أم ولده (٣) بشر بن حبيب ، والذي وهبها لدحون في رحلته إلى الحجّ هو محمد بن يزيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان ، فقدم بها الأندلس ، وقد أعجب بعلمها وفهمها ، واتّخذها لفراشه ، رحم الله تعالى الجميع!.
٧٥ ـ ومنهنّ فضل المدنية.
وكانت حاذقة بالغناء ، كاملة الخصال ، وأصلها لإحدى بنات هارون الرشيد ، ونشأت وتعلّمت ببغداد ، ودرجت من هناك إلى المدينة المشرّفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام! فازدادت ثمّ طبقتها في الغناء ، واشتريت هنالك للأمير عبد الرحمن صاحب الأندلس مع
__________________
(١) حدث بواسطة : أي كان بينه وبين الذي يحدث عنه راو آخر كتم اسمه ولم يذكره ، وذلك من التدليس.
(٢) اطرحوا الرواية عنه : أي تركوها ولم يرووا عنه.
(٣) في أ : «وهي أم ولد بشر بن حبيب» وقد أثبتنا ما في ب ، ه.