فقلت لناظري لما رآها |
|
وقد خلط السواد بالاحمرار |
(تمتع من شميم عرار نجد |
|
فما بعد العشية من عرار) |
وقال : [بحر الكامل]
قالوا عشقت وقد أضرّ بك الهوى |
|
فأجبتهم يا ليتني لم أعشق |
قالوا سبقت إلى محبة حسنه |
|
فأجبتهم ما فاز من لم يسبق |
ولما أنشد (١) رحمه الله تعالى قول ابن الخشاب في المستضيء بالله : [بحر الكامل]
ورد الورى سلسال جودك فارتووا |
|
ووقفت دون الورد وقفة حائم |
ظمآن أطلب خفة من زحمة |
|
والورد لا يزداد غير تزاحم |
قال ما نصه : فانظر حسن هذين البيتين كيف جريا كالماء في سلاسته ، ووقعا من القلوب كالشهد في حلاوته ، مع أن ناظمهما ما خرج عن وصف الماء كلامه ، ولا تعدى ذلك المعنى نظامه ، حتى قيل : إن فيهما عشرة مواضع من مراعاة النظير ، فهما في الحسن ما لهما من نظير ، لكنه ما سلم مليح من عيب ، ولا خلا من وقوع ريب ، فمع هذه المحاسن الوافية ، ما سلما من عيب القافية ، انتهى.
ولنختم ترجمته بقوله عند شرح بيت رفيقه : [بحر البسيط]
خير الليالي ليالي الخير في إضم |
|
والقوم قد بلغوا أقصى مرادهم |
ما نصه : يقول : إن خير الليالي التي تنشرح لها الصدور ، ويحمد فيها الورود والصدور ، ليالي الخير في إضم ، حيث النزيل لم يضم ، والقوم قد وردوا موارد الكرم ، وبلغوا أقصى مرادهم في ذلك الحرم.
٣٠٤ ـ ومن الراحلين الوليّ الصالح أبو مروان عبد الملك بن إبراهيم بن بشر ، القيسي.
وهو ابن أخت ابن صاحب الصلاة البجانسي ، نسبة إلى بجانس قرية من قرى وادي آش ، وكان ـ رحمه الله تعالى! ـ في أواسط المائة السابعة ، وقد ذكره الفقيه أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن يحيى الأزدي الفشتالي في تأليفه الذي سماه «تحفة المغرب ، ببلاد المغرب» وقال فيه : راضوا نفوسهم لتنقاد للمولى سرا وعلنا ، وزهدوا في الدنيا فلم يقولوا معنا ولا لنا ، وانتدبوا لقول الله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)) [العنكبوت : ٦٩].
__________________
(١) في أ : «ولما أنشدنا».